مفصل لسجلات الوثائق الرسمية التي استمد منها مادة البحث وخاصة السجلات التركية والعربية لديوان المدارس في عصر محمد علي، وفي نهاية الكتاب يرى القارئ (لوحات) طريفة لنماذج من الوثائق التركية والعربية والفرنسية يرجع عهدها إلى عصر محمد علي، قصد بها المؤلف - كما قال في مقدمته -: (نقل بعض الوثائق ذات الأهمية التاريخية العظيمة وبيان أسلوب ذلك العصر في تقييد أوامر الوالي ومكاتبات الدواوين وطريقة العمل في الدفاتر التركية والعربية لديوان المدارس، وتقييد نتائج الطلبة المبعوثين لطلب العلم في فرنسا). نذكر من بين هذه اللوحات - على سبيل المثال - الوثيقة الأصلية لأمر محمد علي بإنشاء ديوان المدارس وأختام ديوان المدارس التي كانت تبصم بها قراراته وسجلاته، ومضبطة أول جلسة عقدها شورى المدارس، والجلسة التي أعلن فيها إنشاء الديوان، وصورة التقرير الذي كتب بالفرنسية عن امتحان الخديو إسماعيل عند الالتحاق بمدرسة سان سير بفرنسا في أكتوبر سنة ١٨٤٨ وفيه بيان أسئلة الامتحان والدرجات التي نالها في كل منها الخ. . .
وقد صدر الكتاب بتقديم تاريخي نفيس في أربع عشرة صفحة بقلم أستاذنا المؤرخ الجليل (محمد شفيق غربال) عميد كلية الآداب وأستاذ التاريخ الحديث بجامعة فؤاد الأول وصاحب الفضل في تخريج عدد كبير من الشبان الباحثين في التاريخ. تحدث أستاذنا في مقدمته عن الوثائق التاريخية (وحق المؤرخ) فيها وجهود المغفور له الملك فؤاد - طيب الله ثراه - في حفظها وتشجيع الباحثين على الاستفادة منها، ثم تحدث عن اتجاه (المؤرخين الشبان) نحو دراسة (الإصلاح المحمدي العلوي) وذكر منهم مؤلف الكتاب الذي نتحدث عنه اليوم فأظهر النواحي التي أهلته للكتابة في تاريخ التعليم في مصر. ثم انتقل أستاذنا العلامة إلى الحديث عن محمد علي والتعليم فعرض لنا صورة بديعة (لمنظر الرجل الذي لم يتزود من تعليم المدارس يستحث رعيته على طلب العلم، وينفق النفس والنفيس في تهيئة وسائله لهم) ودرس خطة محمد علي في التعليم وأهميتها (لأهل الجيل الحاضر في مواجهتنا مستقبل الثقافة في مصر).
و (التعليم) عند المؤلف يمثل ناحية هامة من نواحي النشاط السياسي والاجتماعي لمصر الحديثة. وعلى هذه الفكرة بنى المؤلف بحثه حتى جاء كتابه بحثاً تاريخياً بيداجوجياً يجد