في حديقة (التفتيش)؟ وماذا يصنع والدنو من سياجها هلاك محقق؟ ولكن الحب لا يدرك البعيد ولا يعرف المستحيل. فكمن عليٌّ بعد رجوعه من الغيط في كومة من دريس (الوسية) حتى جنه الليل فقام يتسلق سور من جانبه المظلم، فما بلغ أعلاه سقط في الحديقة فكانت سقطته في يد الحارس!
وبات علي في سجن الدوار. وأصبح الصباح فجلس المأمور والمعاونون والنظار، ورشت الأرض، وطُرح الجاني، وتعاقبت على جسده المعرَّى عذبات الكرابيج، والناس من حوله يضجون بالبكاء ويضرعون بالرجاء؛ و (الأغوات) يتلذذون برؤية الدماء المنزوفة والدموع المذروفة، ويطربون لسماع الأنات الضارعة والصرخات المتصلة، حتى كلت يد الضارب وخفت صوت المضروب فحملوه إلى السجن. وشفع العمدة لأهله أن يأخذوه. فلما دخلوا عليه لم يجدوا فيه وا أسفاه إلا حشاشة نفس لفظها على صدر حبيبته أثناء الطريق!