وفي نفس الوقت صدرت تصريحات فلاندان بقرب انتهاء الانتداب، كما نشر خطاب (هنري بيرانجيه) الذي رحب فيه بدخول العراق في عصبة الأمم، في شيء كثير من الحماس، وأشار إلى أن فرنسا ستنهج في سوريا نفس السياسة التي انتهجتها إنكلترا في العراق
وفي سنة ٩٣٣ عرض مسيو دلادييه في مجلس النواب لمفاوضات مسيو بونسو وأظهر اغتباطه بعقد المعاهدة بين سوريا وفرنسا
على أن بيان العميد السامي المسيو دومارتل كان أقوى هذه التصريحات كلها. ففي أول مارس سنة ١٩٣٦ صدر هذا البيان بموافقة مسيو فلاندان وزير الخارجية، وتضمن وعداً صريحاً بعقد معاهدة سورية فرنسية على مثال المعاهدة العراقية الإنكليزية
أما فيما يتعلق بالانتداب الفرنسي في بلاد الشرق فنحن نواجه وضعاً خاصاً يجب أن ننظر إليه بعين الاعتبار إذا نحن أردنا أن ندرك المعنى العام لنظام هذه المسألة المعقدة
إن الانتداب الفرنسي واحد في الشرق، ولكن ثمة دولتين مختلفتين هما سوريا ولبنان تحتاجان إلى نظام خاص يربط علاقتهما في المستقبل. ومن الخير لفرنسا أن يكون هناك معاهدتان مختلفتان لكل من هذين البلدين تأميناً للمصالح الفرنسية وحرصاً على سلامتها
ويرجع الانتداب في سوريا إلى عهد قريب. . . فقد نشأ بعد ثورة العرب ضد الترك، ولكن الانتداب على لبنان يرجع إلى مدى أبعد، ويتصل بأيام حماية مسيحي الشرق ولا سيما المارونيين في لبنان
ولقد كان هذا الانتداب في لبنان مستساغاً مقبولاً، وكانت اللغة الفرنسية شائعة، وهذا يصادف دون ما شك هوى في نفوسنا لأن لبنان يهمنا بوجه خاص كقاعدة منيعة فرنسية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط
وإذن فنحن مضطرون إلى عقد معاهدتين مختلفتين. . . وقد أشار إلى ذلك (لوسيان هوبرت) في تقريره عن المعاهدة في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، ولاحظ كيف قوبلت هذه المعاهدة في سوريا بشيء من الحيطة والحذر، بينا وجدت في لبنان رواجاً وارتياحاً عظيمين
(ولكن الواقع أن التعاقد مع سوريا شرط أساسي للتعاقد مع لبنان، ومصالح فرنسا وفائدتها