من مظاهر التدين الحقيقي أو الصناعي بين مسلمي الهند أو مسلمي شرقي أوربا مثلاً في عصرنا الحاضر. ولم اعرف أن (النحو، والصرف وإعراب الكلام والتأويل) رمز العمل الذي يتناوله محترف الدين أو صاحب الدين الصناعي في أي بلد إسلامي، في مصر أو في غيرها من البلدان الأخرى، كما أعرف أن (الشهادة) عنده هي (إعراب جملة وتخريج متن وتفسير شرح وتوجيه حاشية وتصحيح قول مؤلف ورد الاعتراض عليه).
نعم قد يتناول الباحث اللغوي مثل هذا العمل، كأي راغب آخر في بحث موضوع بعينه قد يتناوله ويعالجه من جهات لا تلذ لبعض القراء أو يقبل ميل السامع إلى الإصغاء إليها، ولكن ذلك لا يدل على تفاهة البحث في ذاته فضلاً عن دلالته إذا ما تناوله رجل ينتسب إلى الدين على أنه مظهر تدينه أو عنوان احترافه بالدين
الأستاذ أحمد أمين، كثيراً ما كتب أيضاً في بعض النواحي الاجتماعية والخلقية في مصر، وكثيراً ما حاول في كتابته علاج تلك النواحي بعد الدقة في وصفها وتشخيصها. لهذا عمدت بعد عجزي عن محاولة جمع العناصر التي تكون الطابع العلمي من مقاله (الدين الصناعي)، إلى التفتيش عن الظاهرة الاجتماعية التي يريد الأستاذ علاجها أو عن المعنى الخلقي الشائع الذي يبغي شرحه ليوقف قراءه على شيء جديد لا يستطيع الرجل العادي أن يهتدي إليه
عرضت أمام نظري، مستعيناً بالمشاهدات، المظاهر الاجتماعية المألوفة في مصر التي يبدو فيها النقص والتي قد تؤخذ على أمة تطلب الكمال في معاني المدنية، وعرضت كذلك كثيراً من الصفات السلبية للخلق السائد فينا
حقاً وجدت (تحايلاً) وكفاحاً من طبقات مختلفة حول هذا التحايل. وجدت تحايلاً باسم (البحث العلمي) وتحايلاً باسم (حرية الفكر) وتحايلاً باسم (الديمقراطية) وتحايلاً باسم (الدين). كل طائفة تبغي قضاء رغباتها الخاصة، وكل تسلك هذه الطريق، طريق (التحايل)، مستغلة سذاجة الشعب وجهله. فكما يسند (التحايل) و (الاحتراف)(والاتجار) إلى الدين فينشأ بهذا الإسناد ما عنون الأستاذ با (الدين الصناعي) يجوز أن تسند كذلك إلى نظائر الدين مما يحترف به في مصر ويتحايل ويتجر به فيها من البحث العلمي، وحرية الفكر، والديمقراطية. . . الخ ويصح أن ينشأ أيضاً عن هذه النسبة ما يسمى بالبحث العلمي