ولقد تناول حديثي عن (كامل الخلعي) مرة مع صديقي الأستاذ أحمد خيري سعيد ناحية شاذة في ميول الرجل ونزعاته الإنسانية، فذكرت لصديقي أنني مرة كنت أرافق (كاملاً) في حي (باب الخلق) وصادفنا صاحب عربة (من عربات النقل) أثقل على حصانه العبء فما كان من (كامل) إلا أن اندفع على الرجل في حالة عصبية ثائرة وأبى إلا اقتياده إلى قسم البوليس! أي جريرة ارتكبها الرجل؟ لقد استعمل القسوة مع الحيوان المسكين وصديقي هذا هو الإنسان الوحيد فيمن اعرفهم الذي وضع الجواب الصحيح لتصوير (كامل الخلعي) في هذا الموقف الشاذ، إذ قرر أن الرجل من غير شك له عقلية فيلسوف ولكن من نوع لا يعيش في هذا الجيل!
هذا هو (كامل الخلعي) الذي كسب من فنه آلاف الجنيهات ومات معدماً إلا عن تركة من الألحان يتناهبها جيل جديد من الملحنين كل مجهودهم أنهم يجيدون نقل الحان (كامل الخلعي) وأغانيه من رواياته القديمة إلى مقطوعات جديدة، ثم هي بعد ذلك ألحان وأغان يكتسب بها ناقلوها ومغنوها أقواتهم ويجمعون ثرواتهم، وأصحاب التركة من أولاد (كامل الخلعي) في عزلة عن الناس وعن الوجود