وعلى ذلك فإنها تضرب في الثانية الواحدة السطح الجانبي للإناء الحامل للغاز ضعف عدد المرات الأولى قبل تقليل حجمه. هذا التضعيف في عدد المصادمات يسبب نفس الزيادة في الضغط، وهى ظاهرة ممكن قياسها بطريقة مباشرة
على أن النظرية السينيتيكية للغازات تأخذ في محل الاعتبار أيضاً العامل الحراري، وبهذا انتهى العلماء إلى قانون أعم من القانون السابق، بحيث إذا رفعنا درجة الحرارة لغاز معين فإن سرعة جزيئاته تزيد، ويزيد بهذا الأثر الذي تحدثه هذه المصادمات وينتج عن ذلك زيادة في الضغط، فزيادة الضغط بتسخين الغاز مع حفظ حجمه ثابتاً تنشأ عن زيادة القوة الحادثة من كل مصادمة فردية
هذه الفكرة وغيرها أمكن وضعها في الوضع الرياضي حتى أصبحت النظرية السينيتيكية لا تفسر المظاهر المختلفة بشكل نوعي فحسب. بل أصبحت تفسر كل التغييرات الكمية الحادثة في كل هذه الظواهر. وهكذا انتصرت النظرية السينيتيكية وأخذت مكاناً ممتازاً في العلوم الطبيعية، حتى أننا لا نعرف اليوم طبيعياً يطعنها أو يضعها بشكل جدي محل الشك
ولم تقف الدراسة الكمية عند الحد الذي ذكرناه من تفسير قوانين الحجم والضغط والحرارة بل إن سباق الجزيئات الذي لا نظام له والذي يتبع خطوطاً منكسرة، هي نتيجة تصادمها المستمر، أمكن دراسته من الناحية الكمية دراسة أدت إلى حساب عددي للاحتكاك الداخلي للسوائل والغازات الذي يعد العقبة في هذه الحركة بالتصادم المستمر
على أن سرعة هذه الجزيئات كبيرة لدرجة عظيمة ففي درجة الحرارة العادية تبلغ سرعة جزيئات الهواء داخل غرفنا حوالي كيلو متر في الثانية، أي ستة أضعاف أكبر سرعة نعرفها للطائرات الحربية الحديثة، وهي بهذا تزيد سرعتها عن كل ما نعرفه من المركبات الأرضية
لقد اكتفينا حتى الآن بأن نقرر أن رفع الحرارة يزيد في سرعة الجسيمات، وأن ثمة علاقة بين الحرارة والتهيج الجزيئي، ولكنا نريد أن نقدم للقارئ أمراً جديداً، نريد أن نقول إن هاتين الظاهرتين أمر واحد
هنا تستوقفنا أزمة جدية في التفكير الطبيعي الحديث. ونكرر القول بأنه ليس هناك حالة خاصة بالحرارة وحالة أخرى خاصة بالحركة بمعنى أن الحركة ليست نتيجة للحالة