عاجزة عن أن تترك الصباح، كذلك جزئيات السائل داخل الكوب عاجزة عن أن تتركها، وليس خروج أحد هذه المخلوقات بعيدا عنً منبع الضوء إلا حادثاً نادراً يحدث تحت تأٌثير عوامل خارجية مثل هبوب الهواء شديداً في اتجاه معين بحيث يكون سبباً لبقائها حية فترة أخرى من الزمن، وهي في نجاتها من المصباح، بعامل الهواء، تشبه الذرات المائية التي تخرج من السائل تحت عامل التبخر
وتمر الساعات ويطول الليل ويتكرر اصطدامها بالمصباح الساخن وتفقد نشاطها في المقاومة فيلتصق الكثير من هذه الكائنات بالصباح الكهربائي أو السقف الحامل له، وتقترب ساعتها الأخيرة فنرى طبقة كثيفة مكونة من آلاف الآلاف قبل موتها متلاصقة في مكانها تتذبذب يميناً ويساراً قبل أن تفقد كل أمل في أي حركة وقبل أن تصبح في عداد الأموات. هذه المخلوقات المتلاصقة المتمايلة طوراً إلى اليمين وتارة إلى اليسار تشبه عندي جزيئات الأجسام الصلبة التي لا تستطيع أن تنتقل في مكانها ولكنها تستطيع أن تتذبذب فيه
وهكذا في هذه المخلوقات التي نطلق عليها (الهابوش) نرى صورة صادقة لما يحدث في المادة على أشكالها الثلاثة المعروفة الصلبة والسائلة والغازية
هذه الحركة الداخلية بين جزيئات المادة الواحدة ومعرفتنا إياها كانت انتصاراً للنظرية السينيتيكية، وقد نشأ عن ذلك في بادئ الأمر أن وجد العلماء تفسيراً لضغط السائل أو الغاز على جدران الأوعية التي تحتويها، ذلك أن تصادم جزيء واحد لا يحدث أثراً واضحاً محسوساً، ولكن العدد الكبير من المصادمات الفردية الحادثة في الثانية الواحدة يسبب ضغطاً موزعاً بالتساوي وناتجاً من مجموع الضغوط الفردية
على أن تحديد مقدرتنا بالإحساس هي تجعلنا بدل أن نشعر بمصادمات عديدة منفردة نشعر بضغط موزع توزيعاً منتظماً. هذه المقدرة المحدودة في الإحساس هي التي تجعلنا نخطئ طبيعة وعمل هذه المجموعات للجزيئات فنشعر في العادة بضغط منتظم لجسم متصل
هذه المصادمات الفردية التي تسبب تفسر رأساً القانون الأساسي الذي يربط الضغط بالحجم في الغازات والذي تعلمناه جميعاً في المدارس وهو القانون القائل: إنه عندما نقلل حجم غاز إلى النصف مثلاً فان ضغطه يزيد بمقدار الضعف. والواقع أنه عند ما نضغط الغاز إلى نصف حجمه الأصلي فإنه لا يكون لجزيئاته فراغاّ لحركتها سوى نصف المقدار الأول،