أن الجسيمات المادية صلبة كانت أم سائلة أم غازية في حالة هياج دائم وحركة مستمرة، وأن ثمة علاقة بين هذه الحركة وما نسميه حرارة الجسم. فكلما كانت حرارة الجسم مرتفعة كانت جسيماته اكثر حركة ونشاطاً. هذه النظرية التي كانت من أكبر الانتصارات العلمية للقرن الماضي يسمونها (النظرية السينيتيكية)
صفة من الحركة، وهي تقرر أنه في حالة الغازات تتحرك جزيئاتها حرة حركة غير منتظمة في جميع الجهات، وفي حالة السوائل تتحرك الجسيمات حرة أيضاً في جميع الجهات، ولكنها لا تتركه، وفي حالة الأجسام الصلبة تتذبذب هذه الجزيئات في مكانها دون أن تنتقل فيه.
مثال نقدمه للقارئ ليفهم النظرية السنيتيكية: في القاهرة بجوار النيل والحدائق والمياه يكثر في فترة معينة من السنة نوع من البعوض الصغير يطلقون عليه (الهابوش) يغدو حراً طليقاً في الفضاء، وتتصادم هذه الكائنات الصغيرة المتحركة في كل اتجاه مع كل ما تقابله، وطالما تضايق الإنسان لدنوها من الوجه أو العين، وهي على هذا النحو تشبه جزيئات الغازات في حركتها الدائمة غير المنتظمة.
على أن هذه الحرية المطلقة تصبح محدودة إذا وجدت هذه الكائنات قريباً من طريقها الأعمى نور مصباح؛ فهي في هذه الحالة تتجمع بالمئات والألوف تدور حول المصباح وترتطم به.
هذه الاجتماعات الليلية تختلف عن الاجتماعات الاختيارية التي تحدث لنا معاشر الإنسان عندما نتوجه للاجتماع في قاعة للمحاضرات أو ناد أو حفلة؛ فأن هذه المخلوقات المسكينة لا تذهب مختارة إلى حيث يسطع الضوء القوي، ويتألق المصباح، بل إن ثم (تأثيرات فوتوكيميائية) - وإفرازات معقدة تحدث داخل أجسامها نتيجة للضوء، تأثيرات تجد تفسيرها اليوم في الكيمياء الطبيعية. هذه التغييرات الكيميائية الطبيعية التي سببها الضوء تحرك عضلاتها حركة إجبارية وتوجه هذه المخلوقات التعسة أرادت هي أم لم ترد نحو مصدر الإضاءة. هذه الألوف من الكائنات تدور وتعلو وتهبط ويصطدم بعضها ببعض وبالمصباح ويستمر هذا فترة طويلة، وهى في هذا تمثل عندي جزيئات السائل التي تتحرك بداخله في جميع الاتجاهات كما يصطدم بعضها ببعض، وكما أن هذه المخلوقات