بماذا يفسر الدكتور بشر فتور هذا (الجمهور المهذب) إزاء هذين المؤلفين؛ وأمام سواهما من الآثار الأدبية الرفيعة؟
وأين (التقدير) الذي يكنه هذا (الجمهور المهذب) للأعمال الأدبية الرفيعة؟
ومتى يتحرك هذا (التقدير) ليوفي مؤلفيه السابقي الذكر حقهما من الذكر والرواج؟
أخشى بعد هذا كله أن أقول إن صديقي إنما يصدر فيما نحن بصدده عن وحي إحساسه الخالص، وهو إحساس أديب أصيل مشبوب الهوية بالأدب، مشغوف بأن يرى للأدب دولة في مصر قوامها جمهور القراء قبل أي شئ آخر، وهذا من مزالق التفكير الذي يشوبه الإحساس الطاغي.
زكي طليمات
في النقد الأدبي
حضرة الأستاذ الفاضل محرر (الرسالة):
تحية وسلاماً. وبعد. فقد قرأت في العدد ٣١٠ من (الرسالة) الغراء ما كتبه الدكتور بشر فارس عن الفصول التي أكتبها عن الأدب العربي الحديث؛ فحمدت له غايته من النقد. غير أنني لاحظت بعض أشياء على قوله:
١ - إن كتاباتي وإن كانت منصرفة إلى النقد القائم على الوجهة الموضوعية - كما لاحظ الدكتور بشر فارس في كلمة في (الرسالة) - والأستاذ صديق شيبوب في مقاله في البصير (١٢ مايو سنة ١٩٣٩)؛ والأستاذ خليل شيبوب في مقاله في (الأهرام): (٢٩ مايو سنة ١٩٣٩) - إلا أن منحى الموضوعية فيها مستنزل من الطريقة (التركيبية، التحليلية) التي تذهب من النظر إلى الواقعات عيناً، ومن الواقعات إلى النظر عيناً آخر؛ والتي هي نتيجة ثقافتنا الرياضية.
٢ - إن هذه الطريقة من صميم الأساليب العلمية، والطرائق الموضوعية، لأن الطريقة العلمية تذهب: إما من النظر إلى الواقعات وإما من الواقعات إلى النظر. والمذهب الأول أكثر ما يتظاهر في الأساليب الخاضعة للنهج الرياضي بعكس المذهب الثاني، فإن أساليبه أكثر ما تتمثل في منهج البحث الاجتماعي.