للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والعراق

ولا شك أن هذا التصريح كان يحمل طابع الضعف، لأنه صدر إثر تهديد شعبي قوي لم تتمكن الإدارة الفرنسية من أن تصمد له، ولكنه مع ذلك ضروري لازب، لأنه كان على فرنسا أن تختار بين العناد والمقاومة وبين الاتفاق والمسالمة - كما أبرق بذلك المندوب السامي في فبراير ١٩٣٦ - وطبيعي جداً ألا تزج فرنسا بنفسها في مغامرة جديدة بعد تجربة الثورة السورية الكبرى فضلاً عن أنها ترغب في أن تفي بوعودها المتقدمة

ولقد وجهت بعض الاعتراضات على انتخاب أعضاء الوفد المفاوض، ولكن الواقع يضطرني إلى أن أقول إن هؤلاء الوطنيين المفاوضين هم الذين ناضلوا في سبيل بلادهم، وإنهم كانوا مصدر الصعوبات التي وجدناها في سوريا، وإن فشل معاهدة سنة ١٩٣٣ أظهر في كثير من الجلاء ضرورة التعاون مع الجماعات الوطنية للوصول إلى تعاقد مُرضٍ حاسم

يقولون إن رجال الوفد المفاوض ليسوا أصدقاءنا - ولكنه قول خاطئ - لأن خصومة الانتداب لا تعني بالضرورة خصومة فرنسا

ولنسلم جدلاً أن ذلك صحيح، أو ليست السياسة أن يسالم الرجل أعداءه لا أصدقاءه؟

المعاهدة

لقد كان الغرض الرئيسي من التعاقد استبدال الانتداب الفرنسي بمعاهدتين مع سوريا ولبنان. وابتدأت المفاوضات في منتصف شهر مارس، وكانت تقتضي منا أن نوجه انتباهنا إلى كل ما يجري حولنا. . . ففلسطين كانت تخوض غمرات ثورة حمراء كنا نخشى أن يمتد لهيبها إلى سوريا، وفي المغرب تتماوج الاضطرابات العنيفة ضد فرنسا عند كل بلبلة في الشرق الأدنى، ولهذا لم يكن في وسعنا أن نقف في المفاوضات موقف الآمر الناهي؛ وإنما كنا نستمع إلى جلسائنا ونناقشهم ونجادلهم وسأبدؤكم بالحديث عن المعاهدة السورية:

لقد كان تصريح أول مارس مؤكداً لاستقلال سوريا، أما المعاهدة فتصرح أن هذا الاستقلال يتحقق في انتساب سوريا إلى جامعة الأمم كما تشترط فترة انتقال تمتد ثلاث سنوات تمتحن فيها مقدرة السوريين على الإدارة والحكم.

على أن أطراف المشكلات التي اعترضت المفاوضات مشكلة العلاقات السورية اللبنانية؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>