للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والجوائز كيف تنال!

وما كاد ينهي درس الفلسفة حتى ظهر ميله للأدب، ولكنه كان يريد أن يبرع فيه. كتب ذات مرة إلى صديقه (بول فوشيه) يقول له:

(أنا لا أريد أن أكتب الآن، فإذا كتبت فيجب أن أكون شكسبيراً أو شيلر)

ودرس شاعرنا الحقوق وقليلاً من الطب، وعنى بالرسم والأدب والموسيقى. وتركته أسرته يفعل ما يشاء، فلم يكن بحاجة إلى العمل الذي يدر المال، وكان الزمان أنيقاً والعيش رقيقاً وأهله كما قلنا من ذوي اليسار

واستطاع صديقه (فوشيه) أن يعقد أواصر الصداقة بينه وبين هوغو، وأن يدخله في مجمعه الأدبي فتعرّف هناك على (دفيني) و (دوماس) والنقادة (سانت بوف)

وكان هذا النفر يقضي أمساء الآحاد عند القصصي الكبير (شارل نودييه) مع (لامرتين) و (بلزاك) و (جيرار دي نرفال) العاشق المجنون و (غوتييه) و (دي لا كروا)؛ فكانوا يستمعون إلى أقاصيص (نودييه) ويتناشدون الشعر على حين تجلس ابنة صاحب الدار ماري إلى البيان (ورأسها الجميل الأشقر يلمع كالشقيقة بين سنابل القمح كما يقول موّسيه، وأناملها الناعمة تتنقل هنا وهناك، ونحن نستمع إلى الشعر، أو نجد في الرقص)

وكان موسيه إذ ذاك وضيء الطلعة متلألئ الوجه يخلب الفتيات. حتى ليصفه (بانفيل) بأنه كان (كالإله الشاب الجميل لتجعيد شعره المسترسل إلى كتفيه كأنه الموج الراعش تحت أشعة الشمس)؛ فأخذ يغشى المجالس ويتنقل بين الفتيات، وينظم الأشعار ويكتب أقاصيص أسبانيا وإيطاليا. فردد الناس اسمه، ثم جذبه المسرح نحوه، فإذا بصاحب (الأوديون) يطلب منه مسرحية شديدة الحماسة: فكتب الشاعر (ليلة البندقية) فمثلت (بين الصفير والضجيج) وباءت بفشل عظيم.

على أن هذا الفشل لم يبعد شاعرنا عن المسرح، فلقد كتب بعد ذلك مسرحيات كثيرة أخفق بعضها ونجح بعضها، واستطاع بفضل ذلك أن يصبح مخبراً أدبياً لمجلة (باريس) و (الطان).

ثم نشر أشعاره في مجلة (العالمين). وفي هذه الفترة مات أبوه.

عندئذ عاش فتىً مغامراً يرتاد الملاهي، ويضاحك الحسان، ويعاقر الخندريس. والتقى ذات

<<  <  ج:
ص:  >  >>