فماذا يجب أن تفعل الدول ذوات المستعمرات العظيمة الشاسعة؟ لقد مضى الوقت الذي كان يتمتع فيه أصحاب الثراء ولا يجدون من ينازعهم هذه المتعة ويحقدها عليهم
إن ضريبة الثراء موجودة منذ أقدم العصور. ولعل مما يزيدها ويضاعف أثرها نظرة إلى المال الذي يكتسبه أصحابه بالجد والعمل المضني، والمال الذي يئول إلى أربابه دون أن يبذلوا في سبيله أي جهد، فإما أن يكون قد آل عليهم عن طريق الاغتصاب والظلم أو عن طريق الميراث
ولقد أخذ الناس يفكرون في أصحاب الثروات الكبيرة، ويفرضون رقابتهم عليهم حتى يتحققوا من أن هذه الثروات لا تنفق في سبيل الملذات والأهواء الشخصية، دون أن يكون للمواطنين نصيب من الانتفاع بها. وقد تقدم هذا المذهب فأصبح يشمل الدول كما يشمل الأفراد. وليس لهذا المذهب من سلطة غير قوة الرأي العام التي تفرض إرادتها على الأفراد.
ونحن الآن نرى حركة جديدة بين الأمم، لإلزام كل أمة مراعاة ذلك: وهذه الحركة ترمي إلى مطالبة الأمم التي تملك المستعمرات بأن تكون وفية أمينة لأبناء تلك المستعمرات من ناحية، وأن تراعي المصلحة العامة في استغلالها
يقال أن الاستعمار طريقة لتخفيف ازدحام السكان، والواقع خلاف ذلك؛ فعدد الأوربيين في أواسط أفريقيا يدل على أن الدول الأوربية لا تستفيد من هذه الناحية. فمن الواجب ملاحظة الجو في تلك المستعمرات، وإعداد رأس المال لإصلاح تلك البلاد، وملاحظة حقوق الأهلين.
مما لاشك فيه أن لكل أمة تقاليدها وأحوالها الاقتصادية؛ ومعنى هذا بالبداهة أن الأمم التي لا تستطيع أن تعيش على غير الصناعة، يجب أن تستولي على أرض تستخرج منها المواد التي تتطلبها.
إن الطبيعة قد حرمت الأمم كافة من أن يكون لديها الأرض التي تغلها جميع المواد التي تحتاجها. فالولايات المتحدة تعتمد على المصادر الخارجية لاستكمال ما تحتاجه من المواد؛ وكذلك بريطانيا وألمانيا واليابان. ولا توجد أمة واحدة تملك الأرض التي تغلها كل ما تريد إلا إذا كانت تملك العالم أجمع