للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الروايات في حدود دائرتها الحقيقية، لا تحميلها وجهاً لا تدل عليه. ثم عندك الروايات التي يأتي بها الباحث محملاً كل رواية دلالة خاصة للفظة (المروءة) التي ترد فيها، وهو بهذا يريد أن يقرر أن معنى المروءة كان ملتبساً على الناس. على أنه لو لاحظنا التفسير الذي قدمناه والذي يسير عليه أعلام الاستشراق في أوربا فإن كل هذه الروايات تتسق معانيها وتتوضح من أصل جامع للفضائل التي تقوم على الصلات بين الفرد والجماعة، والتي يتقوم بمفهوم فضائلها لفظ السيد. وإذا كان الباحث لا يجد غير قول واحد ينزع فيه معنى المروءة إلى السيادة في العربية، فلا أظنه جمع شوارد العربية وأوابدها واستعمالات ألفاظها في كل النصوص التي انتهت إلينا حتى يحكم بهذه الدعوى. هذا ولولا حظنا أن دعوى الباحث تستند إلى أن ابن قتيبة لم يثبت في باب (المروءة) غير وجه واحد تنزع فيه اللفظة لمعنى السيد، فإننا نجد استنتاج الباحث أكثر مما يساعد عليه النص.

ومما يحسن بي الإشارة إليه أن كلمة (المروءة) وردت في اللغة العبرية وهي من أخوات اللغة العربية نازعة فيها لمعنى السيادة (دانيال ١٤ - ١٩ ومراد فرج في ملتقى اللغتين ج١ ص ٨٩ - ٩١)

والبحث الرابع وقف على (التفرد والتماسك عند العرب) وهو في عمومه مراجعة - فيها نظر - لأقوال المستشرقين. وفي هذا البحث ينكر الدكتور بشر فارس نظرية التفرد المنسوبة للعرب، ويرى للعربي صلات اجتماعية في حدود الحي والقبيلة. وفكرة الباحث وجيهة، ولكن ما رأيه في كون التحاق العربي بقبيلته أو حيه مظهر من الأصل الطوتمي - عند العرب القدماء، والطوتمية مصدرها فردية صرفة؟ (أنظر عن طوتمية العرب ٢٣ وماكلينان ٥٣ - ٥٦ ولنا علم الأنساب العربية ص ١٢)

ولنا أن نتساءل هنا: هل يرى الباحث أن صلات العربي تتجاوز جماعته ممثلة في الحي أو القبيلة؟ وإذا كان لا يرى ذلك كما يستفاد من مضمون كلامه، فلماذا؟ وإذا كان يرى سبب ذلك - كما يبدو من كلامه - العصبية، فما منشأ العصبية عند العربي؟ سيعود بها الباحث إلى الأسرة، ولكن لماذا تدفع الأسرة العربي للعصبية؟ أليس في ذلك شعور بالانعزال يقوي رأي الذين ينسبون التفرد للعربي؟. . .

والبحث الخامس يتكلم فيه عن (البناء الاجتماعي عند عرب الجاهلية) وهو بحث قيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>