إلى ما يسمونه له حرية، في حين أن ما اكتسبته هذه الحركة من قوة جديدة بإسلام أزمة الأمور إلى طائفة من الخياليين النظريين جعل أثرها في السلطة على وجه العموم أثر الماء تصبه على قطعة من السكر).
هذا هو ما قاله ذلك الإنجليزي الذي تفتخر دولته بأنها سبقت الدولة إلى الحرية، والتي ما فتئت منذ عهد كرومر في مصر تفاخر بأن معتمدها هذا هو الذي أبطل الكرباج في هذه البلاد!
وإنا لنسأل الذين يقرءون هذه المفتريات، والذين يتتبعون أساليب إنجلترا وفرنسا في الكيد لمصر - نسأل هؤلاء السادة - الذين يعلمون هذا، ومع هذا يعيبون على عرابي وزملائه تطرفهم: أكانوا يفعلون غير ما فعل عرابي وأصحابه إذا كانوا يحبون أوطانهم حقاً، وكانوا يعيشون في مصر في تلك الأيام؟
أما الذين كانوا يجهلون تاريخ هذه الدسائس التي كانت تبثها إنجلترا في مصر، وحملوا لجهلهم بها على عرابي ما حملوا مجاراة منهم لما أشيع عنه، فحسبنا أن نريهم حقيقة الأمر ونكل المسألة بعد هذا إلى فطنتهم وضمائرهم.
وما ندافع عن عرابي إلا لأننا نعتقد أنه ظلم، وأن الذين ظلموه هم أعداء البلاد الذين استباحوا ذمارها وألحقوا بها الذل والهوان، وما يجدر بمصري وبلاده فقيرة في الأبطال أن يشايع الذين حاولوا أن يمسوا بالباطل تاريخ رجل كانت البطولة في مقدمة صفاته.
على أنه ما كان لباطل أن يطمس نور الحق إلا أن يطمس ظلام الليل نور النهار؛ وهيهات أن يتفجر نور النهار ولا تذوب في أمواجه الوضاءة المشرفة ظلمة الليل، وإن تراكمت من قبل بعضها فوق بعض. . .
ولقد جعل الكائدون لمصر الجيش هدفهم فيما راحوا يشيعونه من مفتريات. أنظر إلى قول ماليت في تقرير له عن:(تزايد اختلال الأمن في البلاد لقلة اكتراث الأهالي بأولياء الأمور الملكيين، ويعزى ذلك إلى سلوك رجال الحزب العسكري الذين لا يعاملون زملاءهم الملكيين بالاحترام الضروري لإدارة البلاد، وقد أخذت الرشوة تعود إلى سابق عهدها بين الموظفين، ومما يساعد على انتشارها كثرة التغيير والتبديل في كبار الموظفين). . . ثم يقول في وصف ما زعمه من الضيق الذي وقع فيه الفلاحون في سبيل الحصول على