الأدلة مالا يقبل اليوم جدلاً. وقد كان أول هذه الأدلة عن طريق أحد المبادئ الأساسية للعلوم وهو المبدأ القائل ببقاء الطاقة وعدم فنائها، هذا المبدأ يعزز أيضاً النظرية السينيتيكية للحرارة بحيث أصبحت نظرية بقاء الطاقة دليلاً على فكرة ليبنز فضلاً عن إثباتها للنظرية السينيتيكية. ولقد كان ثاني هذه الأدلة تفسير بولنزمان لما يسمونه المبدأ الثاني للترموديناميكا وهو ما سنتكلم عنه فيما يلي، وهو أيضاً عمل على تحقيق النظرية السينيتيكية
أما القانون القائل ببقاء الطاقة الذي يعممه العلماء الآن في كثير من الظواهر الطبيعية فقد وجد أساسه في بادئ الأمر في الظواهر الميكانيكية حيث كان لروبير ماير الفضل في الكشف عن تحول الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية تحولاً حقق وجود علاقة عددية بينهما بحيث تُعيّن دائماً كل كمية من الشغل الميكانيكي كمية من الحرارة تتناسب معها
يذكر كل الذين تخرجوا من كلية الهندسة التجربة المعروفة لتعيين المعادل الميكانيكي للحرارة المعروفة بتجربة جول ويذكرون أن طاقة ميكانيكية معينة ممكن قياسها بعجلة محملة تدور، ترفع حرارة مسعّرٍ وتنقل إليه كمية معينة من الحرارة تتناسب مع الطاقة الميكانيكية بحيث يكون بين الطاقتين نسبة ثابتة هي معامل جول المتقدم الذكر
هذا التحول من طاقة إلى طاقة كان انتصاراً لماير، إذ أصبحت الحرارة مظهراً من مظاهر الشغل الميكانيكي. على أن هذا التحول يجد تفسيره في النظرية السينيتيكية إذا اعتبرنا أن الحرارة هي هذه الكمية من الشغل الموجودة في الحركة غير المنتظمة للجزيئات الداخلية للسائل، أي هذه هي الطاقة الموجودة في بلايين المصادمات الصغيرة، بحيث أن الشغل الميكانيكي هو نتيجة حركة موحدة الاتجاه للجسم، معتبراً وحدة، أي نتيجة حركة جزيئاته متجهة اتجاهاً واحداً
وعلى هذا فتحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية هو انتقال من حركة منتظمة إلى أخرى غير منتظمة والعكس صحيح، بحيث أن بقاء الطاقة وعدم فنائها دليل جديد على صحة النظرية السينيتيكية التي يصح أن نطلق عيها النظرية الميكانيكية للحرارة
أما عن الدليل الثاني لفكرة ليبنز من أن الحرارة والحركة أمر واحد فقد أتى عن طريق فكرة استحدثت في العلوم الطبيعية كان لها خطرها وأهميتها وكانت فوزاً جديداً للسينيتيكية،