للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الفكرة خاصة بما يسمونه المبدأ الثاني في الترموديناميكا وهو المبدأ الذي يعين اتجاه الحوادث الطبيعية

كم من حوادث نعتبرها عادية لأننا اعتدناها فلا نسائل أنفسنا عن أسبابها. عندما تنفصل تفاحة عن شجرة فإنها تقع على الأرض بدل أن ترتفع إلى أعلى، ولقد كان الحادث عند نيوتن رغم بساطته لافتاً النظر وسبباً لأن نرث عنه اليوم مسائل من أعظم ما عرفه الإنسان من تفكير منظم، أجل، مسائل إن تزعزعت أركانها اليوم قليلا بعبقرية أينشتاين وغيره فما زالت لها مكانتها من الصحة فيما يخص الكثير من ظواهر الكون. وهكذا عند السؤال عن سبب بعض المظاهر الطبيعية تتعين أمامنا معارف لها من الخطر والأهمية مالا يخطر ببال، فماذا يحدث مثلاً عندما تضع يدك على جسم ساخن؟ إن ثمة نتيجة حتمية هي ارتفاع في درجة حرارة اليد وانخفاض في درجة حرارة الجسم الساخن، فهل تساءلت مرة لماذا يحدث هذا؟ إننا نعلم جميعاً أنه عندما نضع جسماً ساخناً جداً على منضدة فإنه ترتفع حرارة الجزء من المنضدة الملامس لهذا الجسم ويقابل ذلك انخفاض هين في حرارة الجسم الساخن، ونعلم جميعاً أنه لم يحدث بتاتاً أن تفقد المنضدة شيئاً من حرارتها الأصلية لتزيد هذا الجسم الساخن حرارة على حرارته

هذا الموضوع، على بداهته، الذي يتلخص في انتقال الحرارة من جسم ساخن إلى جسم بارد، يعود بنا إلى فكرة أساسية في العلوم الطبيعية، وهي خاصة بتقسيم الظواهر إلى ظواهر عكسية أي ممكن تحولها من حالة إلى حالة كما يمكن العودة من الحالة الثانية إلى الحالة الأولى، وظواهر غير عكسية أي إن قبلت التحول من حالة إلى حالة فهي لا تقبل الرجوع إلى الحالة الأولى

ولزيادة الإيضاح نقول: يحوي الجسم البارد مهما بلغ من البرودة كمية من الحرارة، ومن الجائز أن نزيد في برودته باللجوء إلى وسائل طبيعية مختلفة، بحيث يفقد شيئاً من حرارته، وعليه فليس ما يمنع أن نتصور أن ينقل هذا الجسم البارد جزءاً من حرارته إلى جسم حار، بحيث يرفع الجسم البارد حرارة الجسم الحار على حساب أن يزداد هو في برودته، ولا يتنافى هذا بحال مع مبدأ بقاء الطاقة السالف الذكر؛ ولكن مما يلفت النظر أنه لا بد من عملية خاصة وطاقة أخرى جديدة نصرفها ليكون هذا الانتقال جائزاً، فهو ليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>