وهكذا لم يحدث أبداً أن فكر إنسان في أن يضع قطعة من الثلج ليرفع بها حرارة فنجان ساخن من الشاي، أو يضع عموداً ساخناً في وعاء به ماء بارد ليزيد في برودة الماء ويرفع حرارة العمود.
إن الذهن العادي لا يستسيغ ذلك، وهو يدرك بالبداهة أن عملاً كهذا ضرب من المحال، وهو يعلم بدون حاجة للرجوع إلى المعادلات الرياضية الصعبة أن قطعة الثلج تعمل على تبريد الفنجان الساخن، كما أن العمود الملتهب يعمل على تسخين الماء ويطفأ عادة فيه، بحيث لم يحدث أبداً لصانعي العجلات الذين يلجئون إلى تسخين الأطواق الحديدية قبل وضعها حول أجزاء العجلة الخشبية أنه عند وضع هذه المجموعة في الماء لتقلص الطوق الحديدي ويشد العجلة، أن برد الماء وازدادت حرارة الطوق، وإنما المشاهد أن يبرد الطوق ويسخن الماء وقد يبلغ الغليان
وهكذا تحتم المشاهدات البسيطة قبل أن تحتم العلوم والمعادلات العويصة أن ثمة نزولاً حتمياً واقعاً من الحرارة العليا إلى الحرارة المنخفضة وأن هذا السير وهذا الاتجاه موجودان في جميع العمليات الحرارية، ولا يتغير ما دمنا لا نلجأ إلى وسيلة خارجية وإلى استعمال طاقة أخرى. ولقد وضح الطبيعيون ذلك بإدخال فكرة يسمونها (الأنتروبي) وهي بالتعريف مجموع تكامل كميات الحرارة الصغيرة الحادثة أثناء الانتقال مقسومة على درجة الحرارة المطلقة، وقرروا أن (الأنتروبي) تزداد دائماً في كل العمليات الحرارية. وأود ألا يشغل القارئ نفسه بموضوع (الأنتروبي) فهي في الواقع طريقة رياضية للتعبير عن القانون الثاني للترموديناميكا هذا القانون الحراري البسيط الذي يلاحظه القارئ في كل مشاهداته اليومية والذي يحتم انتقال الحرارة من جسم عالي الدرجة إلى جسم خفيضها، تقرر كمبدأ عام يربط العلوم الحرارية بمعارفنا الطبيعية، ويقرر أن العمليات الحرارية تتم جميعها في الكون على طريقة التوزيع المتساوي لكل الكميات الحرارية المستعملة. ولئن كانت الشمس التي هي في الواقع المصدر البارز في حياتنا تفقد بالأشعة من وزنها ما يبلغ أربعة آلاف مليون طن في الثانية الواحدة فهي في طريق الفناء كما يعتقد الكثيرون من العلماء أو أنها تزيد حرارتها كما ذكر ذلك حديثاً في النشرات الأمريكية الأستاذ جاموه أي أنها في دور