النمو، فإن حوادثها في كلتا الحالتين تسير وفق المبدأ الثاني للترموديناميكا - هذا المبدأ الذي يعين الاتجاه الحراري من الدرجات المرتفعة إلى الدرجات المنخفضة، ثابت لا يتبدل.
إنما يهمنا من هذا المبدأ الثاني أمران: الأمر الأول خاص بفلسفة الوجود والتطور ولا نتعرض أكثر من أن نقول إنه موضوع يدعو التأمل فيه إلى شيء من الأسف، إذ يدلنا هذا المبدأ الثاني على طريق السير الحراري فيما يتعلق بالكون الذي يسير وفق هذا المبدأ نحو نهاية محتومة، نهاية يسميها العلماء الموت الحراري وتفسير ذلك أنه عندما تتوزع الطاقة الكلية للكون توزيعاً متساوياً تصبح حرارة المادة المكونة لأجزاء الكون المختلفة متساوية. والذين تابعوا مقالاتنا الأولى في وصف الكون والحيز المتمدد وقلة ما به من مادة، يفهم أن هذه الحرارة تكون منخفضة بحيث لا تسمح لأي نوع من الحياة بالبقاء، على الأقل على الصورة التي نفهمها من الحياة والحركة.
والأمر الثاني خاص بعلاقة هذا المبدأ الثاني بالنظرية السينيتيكية، والواقع أنه لم يكن عسيرا أن يتوصل الطبيعيون إلى هذا المبدأ الثاني الذي يشترك في مشاهدة نتائجه اليومية الشخص العادي بقدر العالم الطبيعي، ولكن كان على الطبيعيين أن يجدوا لهذا المبدأ تفسيراً يلتئم مع بقية المعارف الطبيعية، وقد كان لبولتزمان الفضل في أن يجد هذا التفسير الخاص بانتقال الحرارة من جسم حار إلى جسم أقل منه حرارة وعدم إمكان العملية العكسية باللجوء إلى النظرية السينيتيكية، وبذلك وجد بولتزمان مرة أخرى وبطريقة غير مباشرة دليلاً جديداً على فلسفة ليبنز. وها نحن أولاء نسرد في هذه الأسطر لمحة من تفكير بولتزمان وأثره على النواحي الطبيعية الأخرى:
عندما نقول أن لهذا الجسم حرارة معينة فإننا نعني أن لجزيئاته سرعة معينة، هذه السرعة للجزيئات ليست متساوية فمنها ما هو سريع ومنها ما هو بطيء. إلا أن ثمة متوسطاً عاماً لسرعة جميع الجزيئات تمثل حركته المتوسطة، وهذا المتوسط العام يدل على حرارة الجسم، هذه السرعة المتوسطة تزيد كلما زادت حرارة الجسم
وعندما يتلاصق جسمان حرارتهما مختلفة فإن جزيئاتهما تتصادم وتختلط - على أن كل أنواع الحوادث جائزة وقوعها في كل تصادم فردي، حتى أنه من الجائز أن يصطدم جزيء بطيء مع آخر سريع وينقل إليه سرعته الخاصة به كما يحدث هذا بين كرتين من كرات