هم شبان تخرجوا في كلية الآداب وموقفهم في هذه القضية أحرج المواقف، لأنهم يعرفون أن أحمد أمين من أساتذة الكلية، ولأنهم يعرفون أنه رجل سريع الغضب والاكتئاب. وهم أيضاً يعرفون - وا أسفاه! - أن كلمة الحق في أحمد أمين قد تحمل بعض المتملقين على وصفهم بالجهل!
ولم يقف الأمر عند كلية الآداب بجامعة القاهرة - جامعة فؤاد الأول - بل تعداه إلى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية - جامعة فاروق الأول - فهنالك الأستاذ أحمد الشايب وهو الأديب الفاضل الذي ألف كتاباً لطيفاً سماه (الأسلوب) وفيه يقرر أن أسلوب أحمد أمين له مزايا وخصائص
فهل لأحمد أمين أسلوب حتى تخلق لأسلوبه مزايا وخصائص؟
أشهد مرة ثانية أن الجامعة المصرية أمرها عجب!
فالدكتور طه حسين الذي وقف بقصر الزعفران في ربيع سنة ١٩٢٧ يلقي كلمة الجامعة في مهرجان شوقي، ثم رأى أن تكون خطبته في الأخطل لا في شوقي بحجة أن الجامعة لا تؤرخ الأحياء، هو نفسه الذي ارتضى أن يدرس أسلوب أحمد أمين بكلية الآداب!
فكيف يكون الحال لو اعتدل الزمان وقيلت كلمة الحق في التدريس بكلية الآداب؟
أيستطيع إنسان أن يفرض على مدرس أن يعترف بأن أحمد أمين له أسلوب؟
وماذا نقول للشبان الذين يفدون من أقطار الشرق وقد عرفوا من قبل أن أحمد أمين قد يكون من الباحثين ولكنه لن يكون من الكتاب ولا الأدباء؟
وكيف تكون حجتنا أمام الأقطار العربية إذا سمعت أننا ندرس أسلوب أحمد أمين كما ندرس أساليب العقاد والمازني وهيكل وطه حسين والزيات؟
أتريدون الحق؟
إن أحمد أمين لم يكن له أسلوب يدرس في كلية الآداب إلا لأنه أستاذ في كلية الآداب، وإلا فكيف غابت قيمة أسلوبه عن أساتذة الأزهر وأساتذة دار العلوم وهم لم يلتفتوا إليه حين التفتوا إلى أساليب الكتاب في العصر الحديث؟
إن الرجل لا يكون له أسلوب إلا يوم يصح أنه يحس الثورة على ما يكره، والأنس بما يحب، فعندئذ تعرف نفسه معنى الانطباعات الذاتية ويعبر عن روحه وعقله وقلبه بأسلوب