السياسة عضواً فذاً في جمعية الاتحاد والترقي العثمانية، واختارته لجنة سالونيك - بعد حين - ليكون عضواً عاملاً فيها يؤسس الجمعيات الدستورية في أرجاء البلاد.
وجرفته السياسة في تيارها فأصدر جريدته (لسان الاتحاد) تتحدث عن نوازع نفسه، وآمال قلبه في السياسة والأدب جميعاً. ثم. . . ثم عُيّن أستاذاً للخطابة والأدب الفرنسي في المدرسة السلطانية بحلب.
واستعرت نار الحرب العظمى فما برح مكانه حتى دخل الجيش العربي البلاد فتخيرته الحكومة الهاشمية سكرتيراً لحكومة حلب، ثم مديراً عاماً لإدارة حصر الدخان، فما شغله المنصب عن أن يقوم - بين الفينة والفينة - خطيباً يدعو إلى الوحدة العربية وإلى رفض الانتداب الأوربي
وفي سنة ١٩٢٠ أبحر إلى أمريكا يطلب إلى المهاجرين من بنى وطنه العودة إلى بلادهم، وقد عزّ عليه أن ينأى جماعة من أفذاذ قومه عن ديارهم أحوج ما تكون إليهم، وفيهم العالم والصانع والتاجر، فقضى سنة يضرب في أنحاء أمريكا يخطب المهاجرين بالعربية مرة وبالفرنسية أخرى، علّهم يثوبون؛ وهناك تعرّف إلى أعضاء الرابطة العربية جميعاً ووصل بينه وبينهم برباط من المحبة، وتوثقت بينه وبين جبران خليل جبران العبقري الفنان صلات من الهوى والصداقة.
وعاد إلى لبنان وفي خياله أن يستطيع أن يقنع الجنرال بيرو المندوب السامي الفرنسي بوجوب التفاهم مع العناصر الوطنية، وتشجيع المهاجرين على العودة إلى وطنهم. ومال الجنرال بيرو إلى رأي الأستاذ غير أن الحكومة الفرنسية رأت أن ترسل الجنرال فيجان ليشغل منصب الجنرال بيرو. . . فانفجرت الثورة وتطاير شررها هنا وهناك، ولكن اليأس لم يجد طريقه إلى القلب الكبير. . . قلب الأستاذ فليكس، فراح يكتب إلى صديقه المسيو جوسران سفير فرنسا في واشنطن، وإلى ذوي المكانة العليا في فرنسا، يكشف لهم جميعاً عن خطل السياسة الفرنسية في بلاده؛ غير أن صرخاته ذهبت نهب الرياح، فكبر عليه أن يعمل مع حكومة تسير على مبدأ لا يقره، فنبذها جانباً، ولبس ثوب المحاماة.
وفي أواخر سنة ١٩٣٠ عين رئيساً للتراجمة في بلدية الإسكندرية فترك بلاده ومهنته ليستقر في الوطن الثاني الجميل. . . في مصر، وليجد هنا أصدقاء أحباء يعوضونه ما فقد