للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دنيا أهل القرن التاسع، ويفكر بعقولهم. ومنهم من شغله منصب يحرص عليه، أو مال يبالغ في جمعه وادخاره؛ ومنهم من أخلد إلى الراحة، وابتغى الجاه والغنى من شر الطرق وأقصرها، فمخرق على العامة وأظهر الورع فيهم والتواجد. فإن قلت له: صباح الخير، أو سألته عن مسألة. . . أجابك بـ (لا إله إلا الله) أو بالحوقلة والاستغفار، يقلب سبحته في يده، ويغمض عينيه، ويصمت حيناً خاشعاً مراقباً، ثم يصرخ في وجهك صرخة من أفلت من (العصفورية) أو (العباسية). ورأيت من هؤلاء من العجائب ما لو قصصته لخفت أن أكذب فيه لغرابته. . . فأيست منهم أو كدت، ودفعني هذا اليأس إلى محاولة الكتابة في هذا الموضوع، على قصر يدي فيه، وقلة بضاعتي، وأعددت (في نفسي) أكثر مباحثه، ثم رأيت أن أفتح هذا الباب في الرسالة (بإذن الأستاذ الزيات) لكل من أراد أن يكتب فيه وارتضي الأستاذ ما كتب، ورجوت أن يقبل على الكتابة العلماء والباحثون، ينشئ كل منهم فصلاً من الكتاب ينشر اليوم في الرسالة. ثم إذا اجتمعت الفصول ونقحها أصحابها وأعادوا النظر فيها أودعت صفحات كتاب يبقى إن شاء الله وينتفع به الناس. . . ولعل الذي يمنع تحقيق هذا الرجاء أن أكثر من يكتب من الشباب ويملك الأسلوب المشرق المبين لا اطلاع له على كتب الدين، ولا إلمام له بها. وأكثر العلماء (كما قدمت القول) غير مشتغلين بالكتابة. وعلاج ذلك أن يشترك في البحث عالم مطلع، وأديب كاتب، فيمشي الشاب الذي يحسن الكتابة إلى عالم يدلّه على المراجع، ويبيَن له الأحكام، وينشئ هو الفصل بعد ذلك، فيجتمع له فوائد، منها أن البحث قد كتب وتم، ومنها أنه اطلع على نواحٍ من العلم جديدة، ومنها أنه ألف هذه الكتب القديمة وعرف أسلوبها. . .

ولنأت الآن إلى الموضوعات التي ينبغي أن يشتمل عليها الكتاب، ما هي وما حدودها. ولست أحب أن أحددها وحدي بل أبين المراد إجمالاً. والمراد أن يلخص الدين الإسلامي في كتاب يضم بين دفتيه الإسلام الذي جاء به النبي محمد خالياً من الحشو والزيادات والبدع والخلافات، يقرؤه الشاب المسلم الذي لا يعرف الدين، فلا يحتاج بعده إلى شيء، ويقرؤه العامّي فيفهم منه دينه، ويقرؤه الغربي (مترجماً) فيحصل له عن الإسلام فكرة واضحة صحيحة

وإذا كان المسلم الكامل هو الذي أخذ الإسلام علماً وعملاً واعتقاداً؛ وإذا كان حديث جبريل

<<  <  ج:
ص:  >  >>