للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

١٧ أكتوبر سنة ١٨٨١ قال: (ليس من السهل علينا أن نقدر من هنا قوة هذه المطامح الشرعية ولا كيف يمكن إرضاؤها، ولكن هذه المطامح حقيقية إلى أعظم حد، ومبررة من بعض الوجوه إلى أعظم حد أيضاً، فلا يمكن إهمالها ولا يمكن على الخصوص التفكير في خنقها)

من هاتين العبارتين يتبين لنا أنه كان في مصر يومئذ حركة وطنية، فليتدبر ذلك أيضاً من يريد أن يحكم على رجال ذلك العهد وفي مقدمتهم عرابي، وليشفق على أنفسهم الذين يرمون عرابياً ورجاله بالفوضى والجهل والأنانية. ليشفق هؤلاء على أنفسهم فلن يجدر بهم أن يظلوا يجهلون تاريخ هذا الرجل فيحملون الذين يعلمون حقيقة هذا التاريخ على الزراية بهم والاستخفاف بعقولهم، إذ ليس أدعى إلى الاستخفاف بعقل رجل من أن تراه يجهل أمراً من الأمور ثم إذا هو يدلي فيه برأي قاطع في لهجة يتردد في إتباعها الراسخون في العالم. . .

ما كان عرابي طائشاً ولا داعية فوضى، ولكن كان زعيماً مخلصاً يعمل بوحي من وطنيته ويصيب ويخطئ كما يصيب الزعماء غيره ويخطئون كل على قدر ما اجتمع له من الكفاية والمقدرة! والخطأ والصواب من خواص البشر ومردهما إلى العقل وسعته أو ضيقه؛ أما الصدق والإخلاص وما إليهما من صفات الزعامة والبطولة فلا تسامح فيها ولا تهاون، بل لا يصح أن تكون هذه أموراً يجوز فيها التفاوت إذا عقدت المقارنة بين زعيم وزعيم وبين بطل وبطل! وكيف يجوز في عقل أن يكون هناك صدق ونصف صدق وإخلاص ونصف إخلاص؟ إن هذه أمور جلالها وجمالها بل وجوهرها في أن تكون غير قابلة لزيادة أو نقص؛ وعلى الذين لا يزالون يخاصمون عرابياً أن يأتوا بدليل واحد عللا كذبه أو مروقه. أما الخطأ والصواب فليقولوا فيهما ما شاءوا وبيننا وبينهم حوادث هذه الثورة الوطنية على قدر ما وصل إلينا منها ترينا مبلغ ما في مزاعمهم هم من خطأ أو صواب

زار مستر بلنت قبل سفره إلى إنجلترة عرابياً في وزارة الحربية زيارة وداع، ويجدر بنا أن نثبت هنا بعض ما كتبه ماليت عن عرابي في هذه الزيارة قال: (تناقشنا في كل الموضوعات التي كانت محل الكلام في الدوائر الوطنية بما فيها من مشروعات للإصلاح وأمان ومخاوف في الداخل والخارج، وكانت بضعة الأسابيع التي قضاها عرابي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>