هذه الملاحظة من جانب (بروست) الفرنسي في وجود نسب ثابتة بين العناصر عند اتحادها أدت بالعالم الإنجليزي (دالتون) إلى أن يفرض فرضاً ذرياً يمكن أن يجيب على هذه الحالة المتقدمة:
كل العناصر مكونة من ذرات، ويحدث في مختلف العمليات الكيميائية المتباينة أن تجتمع ذرات الأجسام وتكوَّن كل مجموعة جديدة جزيئات من جزيئات المركب الجديد، بحيث يجوز لذرة من مادة معينة أن تلتصق أو تجتمع بذرة واحدة من مادة أخرى كما يمكن أن تجتمع باثنتين أو أكثر، فالماء مثلاً يتحد فيه ذرتان من الهيدروجين بذرة واحدة من الأكسيجين (إن اجتماع جرامين من الهيدروجين مع ١٦ جراماً من الأكسيجين راجع إلى وزنهما ذلك أن قوة الكائنة بين هذه الذرات وبعضها هي بحيث أن اجتماعهما في هذه الحالة اجتماع واحد باثنين، وإذا اجتمعت ذرة واحدة من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأكسيجين تكون الماء الأكسجيني الذي نستخدمه في الجروح بدل الماء العادي الذي نشربه.
هذه الخطوة الموفقة من جانب العالم الكبير دالتون التي مهد لها (بروست) ظلت أساساً للعلوم الكيميائية، وفي آلاف المواد التي نستخدمها والتي هي في الواقع مركبات من عناصر مختلفة متحدة بنسب ثابتة أو ممزوجة أمكن تقسيم العالم المادي إلى ٩١ عنصراً تبدأ بالهيدروجين والهيليوم وتنتهي بالبروتوكتينيوم والإيرانيوم. هذه العناصر تقوم لنا كمرجع دائم يدلنا على هذه المركبات المكونة لكل ما نراه ونعثر عليه من مادة في الكون، كما تدلنا الشمس والنجوم الثابتة بمواضعنا المختلفة في الأفق بالنسبة لها على معرفة الوقت نهاراً أو ليلاً
وسنرى فيما سيأتي ما استفاده العلماء من هذا الفرض الذري ونحاول أن ندرك كنه الذرة وما يجري بها ونستخلص من أعمال العلماء سيرة ما يحدثونه اليوم فيها من تهدم، ما سيكون له أكبر الأثر في تقدم معارف الإنسان