الشاملة؛ كما أن عدم الإيمان بإمكان تحقيق (الوحدة الإسلامية) لا يستلزم إنكار إمكان تحقيق (الوحدة العربية). ولذلك أقول بلا تردد إن خلط هاتين المسألتين، والنظر إليهما بنظرة واحدة، يخالف أبسط حقائق علم الاجتماع، وأبرز وقائع تاريخ السياسة، ولا يتفق مع الحقائق الراهنة بوجه من الوجوه
ومن الغريب أنكم لا تكتفون بالخلط بين هاتين المسألتين، بل تحشرون بينهما مسألة الخلافة أيضاً بصورة غريبة، وتنظرون إلى هذه المسائل كلها بنظرة واحدة. لقد تعودنا أن نرى آثار مثل هذا الخلط، في كتابات بعض الساسة من الأوربيين المستعمرين، لأنهم ينظرون - عادة - إلى هذه المسألة كلها من وجهة نظر أطماعهم الاستعمارية، ويسعون إلى وصم جميع الحركات القومية والوطنية بوصمة (التعصب الديني) ليثيروا الرأي العام الأوربي عليها. . . غير أننا ما كنا ننتظر منكم أن تقتفوا أثر هؤلاء الساسة من حيث لا تشعرون، وأن تخلطوا بين هذه المسائل بهذا الشكل الغريب.
فأرى من واجبي أن أصرح لكم في هذا المقام، بأنني مع عدد كبير من المفكرين القوميين الذين أعرفهم وأتصل بهم على الدوام أنظر إلى قضية (الوحدة العربية) كقضية مستقلة عن قضايا (الوحدة الإسلامية) و (الخلافة الإسلامية) كل الاستقلال. وأؤكد لكم أنني - بقدر ما أومن بفكرة العروبة، وبقدر ما أعتقد بإمكان الوحدة العربية، وبقدر ما أقول بوجوب السعي وراء تحقيقها - أعتقد باستحالة (الوحدة الإسلامية)؛ وأقول إن (إثارة فكرة الخلافة) مضرة بـ (قضية الوحدة العربية) و (فكرة التضامن الإسلامي) في وقت واحد
هذا ومن جهة أخرى ألاحظ أنكم تسلمون - في مقالكم هذا - بأن (الوحدة) نافعة لـ (الشعوب العربية والإسلامية) أشد النفع؛ وتقولون بأن الناس لا يختلفون في منافع هذه الوحدة، إنما يختلفون في (تصورها حسب ما يتاح لهم من العقل القديم والعقل الحديث). . . كما تصفون لنا نوعي هذا التصور وصفاً بارعاً: بالنوع الذي يقول به (صاحب العقل القديم)، وهو الذي (يتصور الوحدة تحت ظل سلطان شامل)؛ والنوع الذي يقول به (صاحب العقل الحديث)، وهو الذي يتصور الوحدة على أساس ما يكون بين الأنداد من المساواة. . .)
أنا لا أود أن أبحث عن مبلغ مطابقة وصفكم هذا للحقائق الراهنة؛ غير أني أرى من