الضروري أن أقول لكم في هذا المقام إنني قد اطلعت - قبل مدة - على رأى في (الوحدة العربية) يختلف عن هذين الرأيين في وقت واحد: فإن صاحب ذلك الرأي، كان لا يقبل (الوحدة)، (ولو كانت على أساس المساواة)، ولا يرضي بالوحدة، (ولو كانت على نمط اتحاد يشابه الاتحاد الأمريكي أو السويسري). . . فهل تسمحون لي أن أسألكم: أتعتبرون موقع هذا الرأي في العقل القديم أم العقل الحديث؟
لا أشك في أنكم لن تطلبوا مني أن أذكر لكم اسم صاحب هذا الرأي؛ غير أني أظنكم سوف تعذرونني إذا ذكرت ذلك تنويراً للقراء:
إن صاحب هذا الرأي - الذي يخالف مقال صاحب العقل القديم ومقال صاحب العقل الحديث في وقت واحد - هو صاحب (الحديث) المنشور في مجلة (المكشوف)!. . . ذلك الحديث الذي كان مبدأ ومنشأ لجميع هذه المناقشات!
فقد قرأت في ذلك الحديث، العبارة التالية، بحروفها:
(مصر لن تدخل في وحدة عربية، حتى ولا اتحاد عربي، سواء أكانت مساوية فيه للأمم العربية الأخرى أو مسيطرة عليها. . .)(المكشوف - العدد: ١٧٥ - الدكتور طه حسين يتحدث عن العروبة. .)
كما قرأت في مكان آخر من ذلك الحديث العبارة التالية، بنصها:
(الوحدة العربية، كما يفهمها ذووها يجب أن تتحقق بشكل إمبراطورية جامعة أو اتحاد مشابه للاتحاد الأمريكي أو السويسري)
(المكشوف - العدد: ١٧٥ - الدكتور طه حسين يتحدث عن العروبة. . .)
ترون من كل ذلك أيها الأستاذ أن مسألة الوحدة العربية ليست من القضايا التي يمكن أن تناقش وتعالج بالصناعة الكلامية والاندفاعات الارتجالية. . . كما ترون أن الخطة التي سلكتموها في معالجة هذه القضية تجركم دائماُ ً إلى مواقف تخالفون فيها الحقائق الراهنة مخالفة صريحة، كما جرّتكم في بعض الأحيان إلى مواقف تناقضون فيها أحاديثكم الذاتية أيضاً. . .
إنكم تدعون المفكرين إلى بذل الجهود في سبيل (تجديد العقل العربي). . . وكم كنت أود أن أراكم تعملون بهذه الدعوة في المناقشات التي تخوضون فيها، ولا سيما إذا كان موضوع