للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن مكانه بين العلماء، وعدلت به إلى صف الصحفيين؛ فأصبح وهدفه أن تروج مجلته وتنشر بين القراء، وتحثو في وجه كل مجلة سبقتها أو لحقتها؛ ولا تروج المجلة إلا بجديد؛ فليجدد مولانا الأستاذ في: أدب المعدة، وأدب الروح؛ وفي: الدين الصناعي والدين الطبيعي؛ وفي: جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي. الخ الخ الخ

لقد بدأ الأستاذ فكتب ما كتب؛ وأخذ الكتاب بعده طريقهم، بين خاذل وناصر؛ وكان أجرأ الكاتبين (بلا ريب) الدكتور زكي مبارك، ولا فخر. وكان ضرورياً أن ينافح الأستاذ عن آرائه، وأن يذود عن حياضه، وهو صاحب القلم الجوال والرأي الصوّال؛ ولكن الأستاذ سكت؛ ولا أدري: أسكوت مؤقت أم مؤبد، فإذا كان سكوتاً مؤقتاً، فأنا أشوق الناس إلى رده، وذلك ظني به؛ وإن كان سكوتاً مؤبداً، فهل تراه ارتاح إلى الأثر الذي أحدثته آراؤه في رواج مجلته، أو أنه رأى أن يعامل الدكتور زكي على سنن ما كان يعلمنا سيدنا في الكُتَّاب:

إذا نطق السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت

فإن كلمته فرجت عنه ... وإن خليته كمداً يموت؟!

وإذا كان رأيه هو هذا، فإني أعجل له الجواب، فأقول: ذاك لو بقيت على حلمك، واحتفظت بمقامك القديم، فأما الآن فقد تساوت الكفتان، والفلج لمن برّز. . .

على أن الخبيث الدكتور زكي مبارك لن يموت قريباً، فإنما يعجل بالخيار.

أما بعد، فلقد علم الله أني أحب الأستاذ أحمد أمين وأجلّه، أكثر مما أحب الدكتور زكي وأجلّه؛ وكنت قمينا أن أغضب للأستاذ وأتحمس له، على قدر حبي له، وإجلالي إياه؛ ولكني - ولا أكذب الله - أشعر لعمل الدكتور معه بشيء من الارتياح. ذلك لهذه الطعنات الدوامي، التي حشا بها مقاله: الدين الطبيعي والصناعي، ليصيب بها قوماً غافلين، لم يعرضوا له إلا بكل خير، ولم تغفل عين الله عن الثأر لهم.

ثم لهذه الدعاوى العريضة التي أصبحت ديدن كل من أحس شهرة بحق أو بباطل في هذا البلد، فلا يقنع الباحث منهم بما دون قلب الأوضاع، ومحو التاريخ، وتغيير خلق الله؛ وهو أعجز من أن يغير وضع الزقاق الذي ولد فيه، ودرج بين صبيانه.

ولا يسعني أن ألقي القلم قبل أن أوجه تهنئتي إلى الأستاذ أحمد أمين بما يكون قد أصاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>