للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفرزدق المعلوم لا يحقه. وهل شرد الكميت طويلاً إلا مثل هذا؟

وأبيات الحزين هي في عبد الله بن عبد الملك - كما قال الأستاذ وروي عن الأغاني - وقد أخطأ صاحب (العقد) في قوله إنها قيلت في بعض خلفاء بني أمية. ويؤيد قول الأستاذ وأبي الفرج فيمن قيلت فيه ما جاء في (معجم الشعراء) للإمام المرزباني: (كان الحزين شاعراً محسناً متمكناً، وهو القائل في عبد الله ابن عبد الملك ووفد إليه إلى مصر وهو واليها يمدحه في أبيات) أورد منها المزرباني أربعة وأبو تمام ستة منسوبة إلى الحزين الليثي، وهو الكناني هذا، واسمه عمرو بن عبد وهيب. وقد أخطأ ناسخ الحماسة في كتابته أنها قيلت في غير من قيلت فيه كما أخطأ التبريزي في شرحه في قوله: (ويقال إنها للفرزدق). وهذا ما اختاره منها أبو تمام:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يُمسكه عرفانَ راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

أيّ القبائل ليست في رقابهمِ ... لأولية هذا أوله - نِعَم

بكفه خيزران، ريحها عبِق ... من كف أروع في عرنينه شمم

يُغِضي حياءً ويغَضي من مهابته ... فما يُكلم إلا حين يبتسم

يقول كتاب الأستاذ في الفرزدق: (كان الفرزدق فاسقاً ماجناً خليعاً يشرب الخمر إن وجد إليها سبيلاً) نزل على الأخطل ذات يوم فقال له: أنتم معشر الحنيفية لا ترون أن تشربوا من شرابنا. . . فقال الفرزدق:

خفّضْ عليك قليلاً ... وهات لي من شرابك

ويقول الأستاذ: (لكنه مع ذلك كان حسن الإيمان بالله يقيم الصلوات، ويعجبه من قومه أن يتدارسوا القرآن ويكثروا من تلاوته، يقر بذنوبه ويستغفر الله لها، ويخشى عذاب الآخرة ويهجر إبليس الذي يزين له المعاصي ويطغيه. قال المبرد في الكامل: التقى الحسن البصري والفرزدق في جنازة فقال الفرزدق للحسن: أتدري ما يقول الناس يا أبا سعيد؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس. فقال الحسن: كلا! لستُ بخيرهم ولستَ بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>