للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو خير له، فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه في وقت، وآلى ألا يحل قيده حتى يحفظ القرآن)

وهذه سنة صالحة سنها (همام) وقد استن بها الأديب الشاعر الوشاح أبو بكر محمد بن أحمد الأنصاري المعروف بالأبيض جاء في (نفح الطيب): (سئل الأبيض عن لغة فعجز عنها بمحضر من خجل منه فأقسم أن يقيد رجليه بقيد حديد، ولا ينزعه حتى يحفظ (الغريب المصنّف)؛ فاتفق أن دخلت عليه أمه في تلك الحال فارتاعت فقال:

ريعت عجوزي أن رأتني لابسا ... حلق الحديد ومثل ذاك يروع!

قالت: جننتَ؟! فقلت: بل هي همة ... هي عنصر العلياء والينبوع!

سنّ الفرزدق سنة فتبعتها ... إني لما سن الكرام تبيع

وإن أدباء هذا العصر جلهم أو كلهم لمحقوقون أن يتبعوا السنة الفرزدقية فيقيدوا أنفسهم طوعاً أو يقيدوا قسراً حتى يحفظوا ما يجب حفظه. . .

وكان الفرزدق على جفائه ذا دعابة ونكتة وجواب حاضر - كما يقول الأستاذ - روى له في الكتاب هذه النكتة: (مرّ الفرزدق يوماً بمجلس بني حرام فقال له عنبسة مولى عثمان بن عفان: يا أبا فراس، متى تذهب إلى الآخرة؟

قال: وما حاجتك إلى ذاك يا أخي؟

قال: أكتب معك إلى أبي. . .

قال: أنا ذاهب إلى حيث أبوك في النار؟ أكتب إليه مع ريالويه واصطفانوس)

(أما هوى الفرزدق السياسي فشعره يدل على أنه مع بني أمية ولكن في الواقع أنه مع القول الغالب من قريش) ثم يقول الأستاذ بعد أن أوضح ذلك: (ولعل أدنى الآراء إلى الصواب أن نقول: إن الفرزدق يقول بالعصبية العربية وبالمضرية على القحطانية)

وقد ردّ الأستاذ المردمي قولاً أشار إليه بعض من كتب سيرة الفرزدق، معتمداً - إن كان من أهل العصر - على (المرتضى عليّ بن الطاهر) في أماليه. وقد أملى الرجل كما أحب وهوى.

وبحث الأستاذ عن أبيات الحزين الكناني التي اختلطت بأبيات نُسبت إلى الفرزدق يمدح بها (الإمام علياً الأصغر) أحد الأئمة عند إخواننا الإمامية في خبر ظني أنه مصوغ وجبن

<<  <  ج:
ص:  >  >>