للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أحد الدعاة المخلصين لعدم التدخل في شؤون أسبانيا الداخلية كما هو حالنا مع أية دولة أخرى. ويبدو لي من المحزن - لهذا السبب نفسه - أن ظنت الحكومتان الإنجليزية والفرنسية أنه من الواجب ترك الحكومتين الألمانية والإيطالية تؤثران في مستقبل الحرب الأهلية الاسبانية، ويكاد هذا الضعف الجنوبي يكلفنا غالياً

من العبث أن نضيع الوقت في الأسف على أخطاء الماضي، وفي عدم الاعتراف بأن الجنرال فرانكو هو سيد أسبانيا اليوم، ولكن هذا يجب ألا ينسينا أن ألمانيا قد ضمنت مراكز اقتصادية وحربية هامة، وأن بواخر الأسطولين الألماني والطلياني تغشى موانئ أسبانيا

ولا أراني في حاجة إلى القول بأنه لا يوجد في إنجلترا شخص واحد لا يريد العيش في صداقة وسلام مع إيطاليا، وإننا مستعدون للاعتراف لإيطاليا بمصلحتها بالاشتراك مع فرنسا وإنجلترا في نظام البحر الأبيض وحرية المرور لتجارتها فيه، ولكننا لا نستطيع مع ذلك ألا نلاحظ أن جميع مساعينا في تسكين إيطاليا لم تفد إلا في تحريض هذه الحكومة على ارتكاب أعمال شديدة الخطورة على السلام

وكما أبان إيدن في خطبة استقالته في البرلمان، قد صحب اتفاق الجنتلمان في أول يناير سنة ١٩٣٧ إرسال أول نجدة هامة من الجنود الإيطالية إلى أسبانيا، وأن إمضاء اتفاق ١٦ أبريل سنة ١٩٣٩ تبعه ازدياد إلقاء القنابل المدمرة من الطيارات الإيطالية التي تعمل مع فرانكو، وأن التصديق على هذا الاتفاق قد تبعه تضاعف عدد الجنود العاملة في الجيش الإيطالي في ليبيا

وتدل جميع هذه الوقائع على أن سياسة التسكين لم يكن لها من أثر إلا إهاجة شهوة موسوليني وإضعاف مراكزنا في البحر الأبيض المتوسط

كما أن وجود القوات الإيطالية في ألبانيا قد يسبب تهديداً ضد أمن وسلام البحر الأبيض أكثر خطراً من هذه القوات في أسبانيا، فعددها مائة ألف على الأقل مزودة بالدبابات والطيارات ولا تبعد عن سالونيك إلا بمائة وخمسين كيلو متراً، وخطر هذا التهديد هو الذي ألجأنا إلى إضافة ضمان اليونان إلى ضمان رومانيا واتفاقيتنا مع تركيا

وهناك دولة كبيرة يهمها مباشرة استقرار الأمر في شرق أوربا وجنوبها الشرقي، وهي

<<  <  ج:
ص:  >  >>