للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على استعداد لتضع تحت تصرفنا موارد لا نعرف في الواقع معلومات دقيقة عنها، ولكنها مع ذلك محل تقدير لا يمكن إنكاره، وموقعها يسمح بالتدخل عند الحاجة، سواء في الأرض أو في البحر، أسرع من فرنسا أو بريطانيا، وهذه الدولة هي روسيا.

وإنني أوافق من جهتي مستر تشمبرلين عندما قال إن النظام الداخلي في ألمانيا أو إيطاليا يجب ألا يؤثر على سياستنا الخارجية. فكذلك يجب تطبيق هذه القاعدة الحكيمة مع روسيا. فإذا أحبت إيطاليا أو ألمانيا أو روسيا نظامها الحالي، فليس لنا أن نحاول أن نفرض عليها نظاماً غيره، وإنما الأمر الوحيد الذي يعنينا هو سياسة هذه الدول الخارجية، وإذا كنت قد نهضت لمقاومة حركات ألمانيا أو إيطاليا فلأن هذه أو تلك تحاول فرض طغيانها على غيرها من البلاد، وهذه هي مساعدة روسيا تحت تصرفنا، وهي لابد منها إذا أردنا أن نضع حداً للاعتداء بدون أن نلجأ إلى الحرب.

وقد تساءلوا في باريس ولوندرة أخيراً عما إذا كان من اللازم أن نطلب إلى الفرنسيين أو الإنجليز أن يموتوا في سبيل دانزيج؟ يبدو أن الجواب الظاهر (كلا)! ولكن إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن نظن أن البولونيين قبلوا أن يموتوا في سبيل باريس أو لوندرة، أو يقبل الفرنسيون أن يموتوا في سبيل جبل طارق، أو يموت الإنجليز في سبيل تونس؟ فالمهم تخطي ستار الجدل الخادع الذي يقف عند حد هذا الأمر الذي لا أهمية له في ذاته، أو عند معرفة لمن تكون هذه المدينة أو هذه الولاية لتقدير حقائق هذه الأمور الصحيحة. فإن الأمر أكبر اتساعاً وعمقاً من هذه الحدود.

ولقد سرني أن أعدت منذ أيام قراءة خطبة بريكليس في شعب أتينا في موضوع اقتراحات كان الإسبارطيون قد عرضوها عليه، وأحد هذه الاقتراحات خاص بقانون أتينا حظر على بواخر ميجارا دخول موانئ أتينا، ولابد أن أحداً سأل عما إذا كان يستأهل مثل هذا الأمر التافه الموت في سبيله، فكان جوابه:

(أكرر لكم أيها الأثينيون أن انزعوا هذا الوهم بأنكم قد تدخلون الحرب في سبيل أمر تافه، فإن تفاهة الأمر الذي نحن بصدده لا تقل عن امتحان يقينكم، فلو تخليتم عن هذه النقطة، فسيسألونكم فوراً أن تتخلوا عن غيرها، لأنكم قد خفتم.

وسواء أكان المطلوب جليلاً أم لا فإنه إذا سعى شخص إلى نيله من جاره بالقوة أو بالتهديد

<<  <  ج:
ص:  >  >>