شيئاً عن هذه الحركات. فمنذ مجيء راتب باشا إلى مصر كان محمود سامي رئيس الوزراء الآن - وزيراً للحربية - فطلب من شريف باشا أن ينفيه إلى خارج القطر. ولكن شريف على الرغم من تحذير محمود سامي رفض أن يأمر بنفيه، وسبب ذلك أن راتباً تزوج ابنة شريف باشا، والبعض يظن أن الاثنين متواطئان على رجوع إسماعيل). ثم قال:(وقد أحدثت هذه الحادثة قليلاً من التهيج بين العامة. والجميع يعرفون أن حياة عرابي مثل حياة أي إنسان آخر، وليس بين الناس مهما كان عظيماً يستطيع أن يجذب إليه قلوب الجميع دون أن يكون بينهم من يريده بسوء، ولكننا جميعاً نضحك إذا قيل لنا إن إنجلترا على وشك الفوضى لأن أحد المجانين قد حاول قتل الملكة). . .
وليت هؤلاء الكاذبين المغرضين قد اقتصر أمرهم على الكذب والاتهام ولم يخطوا بعد ذلك تلك الخطوة النكراء التي أكدت القطيعة بين الخديو والوزراء وعجلت الكارثة للبلاد! وما كانت ادعاءاتهم إلا مقدمة بدءوا بها ما كانوا ينتوونه من المكر السيئ. يقول في ذلك مستر بلنت:(وفي أثناء ذلك دخلت المسألة المصرية في طور خطير وذلك بسبب المؤامرة الجركسية التي وصلت أخبارها إلى لندن في الأسبوع الثالث من شهر أبريل، ولم أعن العناية الكبيرة بهذه المسألة عند أول ظهور أخبارها معتقداً بأنها إحدى المفتريات التي تنشر عن مصر، ولكن الأحوال أثبتت أنها خطيرة تستدعي الالتفات، ولم تكن خطورتها متوقفة على حدوثها من حيث هي بل من حيث إنها كانت فرصة لحكومتنا تترقبها لكي توقع الخلاف بين الخديو ووزرائه، وكان ماليت قد خضع تمام الخضوع لكلفن في هذا الوقت وصار ينتصح بنصحه ويسير على هواه)
عرض قرار المحكمة العسكرية على الخديو فأسقط في يده أيوافق على هذا الحكم فيظهر أمام الإنجليز أنه يظاهر وزراءه فيخسر الذين يظاهرونه هو، أم يرفض التصديق عليه فيرضى الإنجليز ويقضى على كل أمل في إرضاء عواطف الوطنيين؟
وكان ماليت قد أشار عليه برفض هذا الحكم الذي ينطوي على القسوة والظلم؛ وللقارئ أن يقدر مبلغ ما في هذا التدخل من تطفل وقحة! ما شأن الإنجليز وحكماً كهذا مهما كان ظالماً كما يزعمون؟ وإنهم ليعلمون أن جلسات المحاكم العسكرية كانت سرية حتى في عهد المراقبة، وأن الخديو لا يملك رفض أحكامها، وكل ما له في هذا الصدد هو تخفيف تلك