شيء بجانب المجهول. ومع ذلك فإن جُلَّ ما نعرفه من الظواهر الطبيعية ظواهر دورية، ألا يكون الكون في مجموعه، الكون المحدود بحيز ريمان أو حيز لوباتشفسكي أو ما يشاء العلماء من الحيزات، ظاهرة دورية وأننا الآن في مرحلة من مراحل الانتقال والدوران؟ بمعنى أنه ليس ثمة بداية للكون وليس ثمة نهاية له
في نشرة للعالم (سان) اطلعت عليها حديثاً في محاضر الجمعية الملكية الإنجليزية يناقش فيها هذا الرياضي الطبيعي بعض النظريات الخاصة بمبدأ الكون وما وصل إليه الحيز من تمدد وما يحدث الآن من ابتعاد كل العوالم بعضها عن بعض - هذه النشرات وأمثالها التي يناقش العلماء فيها (كون إنشتاين) أو (كون دي ستير) وهما كونان معروفان لدى العلماء توحي إلينا بهذه الفكرة الدورية للكون
لم يقل (سان) بتغيير قوانيننا الطبيعية في مستقبل الزمن، ولكن كل شيء يجوز أن يتغير ما دمنا نعتبر أحقاباً طويلة من الزمن مثل الأحقاب التي نتكلم عنها
على أن الزمن نفسه يحمل في طياته عدم التعيين عندما نتوغل فيه إلى حد كبير. ثمة فارق كبير في معرفة فترات الزمن التي اعتدناها ومعرفة الأحقاب الطويلة التي لا نجزم بمعرفتها أو تحديدها؛ فإذا تحدثنا عن عمر الإنسان أو عن الزمن الذي مر من الثورة الفرنسية حتى يومنا هذا، أو عن عمر أحد الأفيال الأفريقية الكبيرة، وبينها ما عاش بلا شك قبل الثورة الفرنسية، فإنني أفهم لذلك معناه، وأفهم نوع الدقة المطلوبة فيه، حتى إذا تكلمنا عن الزمن الذي مر منذ أن كتب هومر إلياذته المشهورة أو منذ أن بنى خوفو هرمه أو نحت الأقدمون (أبو الهول) فإن هذا، وذاك ممكن أن يكون أمره معروفاً، أما إذا أردنا أن نتكلم عن عمر الرجل الأول أو الزمن الذي يمر لتدوير المجرة دورة كاملة أو الزمن الذي خلا منذ ظهور الحياة على الأرض فإن شيئاً من الاحتمال يدخل في تقديرنا لهذه العصور الطويلة. وما بالنا لو أردنا بعد ذلك أن نتكلم عن عمر عنصر التوريوم أو عمر النجوم أو العوالم أو التوغل حتى مبدأ الخليقة، فإننا لا نستطيع الجزم بمقدار هذه المدد الطويلة، ولا نستطيع أن نستوعب معنى الزمن إذا نظرنا إليها.
هذا من ناحية الأحقاب الطويلة، وإننا نجد نفس الصعوبة إذا نظرنا إلى الطرف الآخر واعتبرنا الفترات القصيرة. فإذا تحدثنا عن فترة الزمن التي تقدر بثانية أو فترة تردد