للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحرم ما قبح، وإن لم يرد الشرع بوجوبه أو حرمته. فالعقل عندهم هو المثبت، وعندنا المثبت هو الشرع والعقل آلة لإدراك الحسن والقبيح قبل الشرع. وعند الأشاعرة لاحظ للعقل عبد الشرع بل العقل تابع للشرع فما أمر به الشرع يعلم العقل أنه حسن، وما نهى عنه يعلم أنه قبيح. . . فلا تكون اللواطة في الجنة على الصحيح لأنه تعالى استقبحها وسماها خبيثة والجنة منزهة عنها، وفي الأشباه حرمتها عقلية فلا وجود لها في الجنة، وقيل سمعية فتوجد. . .)

هذا ولقد ظن بعض القراء أن معنى وجود خلاف في الرأي فيما يتصل بوجود هذا الفعل في الجنة أو عدم وجوده، أن الشريعة الإسلامية، لم تنكر هذا الفعل لأنها لم تقرر الحد عنه، وفاتهم أن عدم الحد عنه لا لخفته بل للتغليظ حتى رأى الجمهور تكفير مستحلها، وأن بعضهم يرى حد الفاعل والإحراق بالنار، وهدم الجدار والتنكيس في محل مرتفع باتباع الأحجار والجلد والتعزير والسجن حتى الموت أو يتوب، ولو اعتاد هذا الفعل قتله الإمام سياسة.

هذا وقد قال لما بعض العلماء إن الذين يرون رأيننا في روحية اللذات في الجنة يجب تكفيرهم أو على الأقل رميهم بالضلال والعياذ بالله، لأن رأي الروحانية يتنافى في رأيهم مع أصل النصوص، والواقع أن هؤلاء يتجاهلون ما يجب أن يعرفوه من أن اللذة سواء أكانت حسية أم معنوية تتصل أكبر ما تتصل بالتفاعلات النفسية وتقرب كل القرب من الروح، فالسمع والبصر والشم واللمس والذوق حواس الإنسان الخمسة يمكن أن تضم إليها الحاسة الفنية التي يضمها بعض الكتاب وبذا نكاد نتفق في إعزاز الجزء الروحي في كل حاسة وإكبار شأنه وفهمه أنه أسمى جزئياتها. فأنت إذا رأيت منظراً جميلاً هل تستطيع أن تقدر لطربك الروحي من رؤية هذا المنظر أقل من تسعة أعشار ما يشع عليك من سرور. ولقد كان جمال يوسف الصديق شاغلاً لأهل مصر عن الإحساس بألم الجوع، حتى أنهم كانوا إذا جاعوا (كما ذكر الغزالي في إحياء علوم الدين الجزء الرابع) نظروا إلى وجهه فشغلهم جماله عن الإحساس بألم الجوع، وحتى قطع النسوة أيديهن لاستهتارهن بملاحظة جماله حتى ما أحسسن بذلك كما قص لنا للقرآن الكريم. وكذلك يمكن القول عند ذكر الحاسات جميعاً. فليطمئن هؤلاء العلماء الذين أسرعوا فكفروا مع أن التكفير إثم عظيم لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>