للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكفره إلا عفو من ظلموه ليطمئنوا لأنا نفهم أن الإنسان كما يمكنه أن يسمو بلذاته الحسية إلى حيث مرقاة الروح، يستطيع أن ينزل بها إلى حيث يريد من النزول. فعند سماعك لغناء تستطيع أن ترقى به وتستطيع أن تجعله ينزل بك، فإذا سمعت غناء من ذي صوت جميل لتقديس الله بالتفكر في جمال الحناجر التي خلقها فأنت رجل روح تتمتع بلذة السماع وهي لذة حسية وترتفع بها إلى جعلها ترقى بروحك وبنفسك، وأما إذا كنت تسمع صوتاً جميلاً من جميل وتريد بسماعك ومن حركات المغني تحريك شهواتك، فأنت نازل بلذتك الحسية إلى الحضيض، ولذا قرر السهروردي حل الغناء في الأولى وحرمته في الثانية

ثم ما قال هؤلاء العلماء في لذة النظر إلى وجه الله الكريم؛ وهي لذة روحية بحتة تفوق كل اللذات. . . الحق أنهم ظنوا بجهلهم لروح الإسلام وتعاليمه الصحيحة، أن حسية اللذات تمنع من روحانيتها، وفاتهم أن اللذة معنى لا يحس وأنها إذا نسبت لما ينتجها فليس هذا إنزالاً لها من عالمها إلى عالم المادة أو الحس. ولكن الذي نؤمن به كمسلمين صادقين أن في الجنة لذات روحية وحسية، وإنا كمؤمنين صادقين نرى أن لذات الجنة الحسية لذات راقية تسمو بالروح، إذ لا لغو في الجنة ولا تأثيم، وأن أكبر لذات الجنة التي سينعم بها المؤمنون روحية. هذه عقيدتنا التي يجب أن يؤمن بها كل مؤمن صادق.

محمود علي قراعة

فن منحط برغم ذلك

كتب الأستاذ أنور كامل في بريد العدد الماضي من الرسالة كلمة عن جماعة الفن والحرية بعد أن شعر أن الكلمة المنشورة في العدد الأسبق تحت عنوان الفن المنحط تمس الجماعة التي ينتمي إليها رغم أن الكاتب لم يشر بتاتاً إلى جماعة (الفن والحرية) وهذا التصرف من الأستاذ كامل له مغزاه. . . وقد أتيح لي أن أطلع على بعض ما كتبه ورسمه بعض المنتمين إلى تلك الجماعة وأرسلت بعضه لمحرر الرسالة، ولعله المعنى بالذات في تلك الكلمة التي أثارت الأستاذ كامل ودفعته إلى كتابة كلمته. . .

وإني أقول للأستاذ إن الفن الذي يبشر به ويروج له فن منحط رغم كل ما يقال فيه، وإن الجماعة التي تتسمى باسم الفن والحرية لا تفهم الحرية إلا على أنها فوضى لا ضابط لها

<<  <  ج:
ص:  >  >>