وعثمان وعلي لم يعنوا ببث الدعوة وغرس التربية الدينية، فمن ذا الذي عني بها؟ ومن ذا الذي بث الدعوة إلى الدين حتى شملت مشارق الأرض ومغاربها؟ ومن غرس التربية الدينية حتى في صدور الفرس والروم وأهل خراسان وأرمينية حتى صاروا مسلمين يشتغلون بدرس الدين ويتبعون هديه، وحتى نشأ فيهم علماء فحول وأئمة هادون؟
أتردّ هذه الحقائق كلها بتسعة أسطر جاء بها المؤلف، خاليةً من أي دليل: من نصَّ ثابت أو استنتاج منطقي؟
٥ - وذكر المؤلف أن (مسحة الحكم إلى عصر علي لم تزل خاضعة للنظامات القَبلية، وأن حكومة (تقوم على نظم البداوة لا يرجى لها بقاء، لأنه ليس بين عناصرها وحدة حقيقية) والرد على هذا الكلام من وجهين: أولهما أن الإسلام قد محا عصبية القبيلة ودعا إلى الأخوة الإسلامية، وفهم ذلك الصحابة ونشأ عنه وحدة عربية استطاعت أن تعمل أكبر عمل في سبيل الدعوة إلى الله. وثانيهما أنّ هذه النزعة القبلية إذا كانت قد ظهرت بعض الظهور، فإنما ظهرت أيام علي. واستثناء المؤلف عصر علي من الحكم الذي أطلقه وعمّمه قلبٌ للحقيقة وتبديل للواقع
٦ - ويقول في صفحة (٢٦): (إن للأنصار حقاً أكيداً وشبهة قوية في السلطة على أنهم فهموا في آخر الأمر أنهم أنصار الدين وأنصار محمد وأنصار بيته (كذا) ولذا ظل ميلهم إلى الداعي القائم من آل البيت). . . وقرّر في حاشية الصفحة أن الأنصار:(يعتبرون وصول بني أمية إلى الحكم إنما هو انتصار لأعدائهم القدامى من مشركي مكة).
ودليل هذا كله أن (فْلُوتِنْ) ذكره في كتاب (السيادة العربية) فانظر هذا التحقيق!
٧ - ويقرر في صفحة (٢٧) أن الأمويين أرادوا (أن يخضدوا من شوكة المدنية ويقضوا على الطبقة الدينية المحترمة) وأنهم (استأجروا طوائف من الشعراء والمغنين والمخنثين من بينهم عمر بن أبي ربيعة لأجل أن يمسحوا عاصمتي الدين: مكة والمدينة بمسحة لا تليق بهما. . .) إلى أن قال: (ويتمادى بنا الظن إلى أن المروانيين فكروا بصرف الناس عن المقدسات الإسلامية التي تنزل من الإسلام منزلة الشعيرة، بإنشاء المسجد الأموي بأبهته العظيمة بدمشق. ولقد ظن بعض المستشرقين (كالأب لامنس اليسوعي) بأن هذه نية عبد الملك بن مروان بأناقته في تشييد المسجد الأقصى. ونحن وإن كنا نظن ونوافق من