فمن الذين ينفعون؟ ومن الذين يقدرون؟ وكيف يقدرون ويحصلون؟
رأي أخير، فلعله ليس بفطير
قالوا: نعهد في أمر التقدير والتحصيل إلى لجان من عامة خلق الله، لا هم بأصحاب فلسفة ولا هم بأصحاب فن ولا هم بأصحاب سهر ومجون
بل زيد وعمر وبكر وخالد وفلان من جملة بني الإنسان
وجمعوا اللجان من عامة السكان
فعادوا قليلاً وهم بين مكسور ومجبور وولهان وغضبان
عند البيت الأول قال شيخ من ذوي الوقار بين الأعضاء: مائة دينار لا تنقص درهماً واحداً على هذه الحسناء
قال فتى أنيق: وأين هي تلك الحسناء؟
قال الشيخ: تلك التي تراها
قال الفتى: أتلك السمينة البدينة التي تشبه الغرارة؟
فما أتمها حتى سقط تحت أربعة أو خمسة من الضاربين: أحدهم الشيخ والآخرون أو الآخرات، ما شئت من سامعين وسامعات
وفي لجنة أخرى تغير الاقتراح فكانت الضريبة الراجحة من نصيب النحيفة العجفاء، فلم تتفق اللجنتان في غير الضرب والتجبيه والإيذاء
وكانت اللجنة من اللجان تشتمل على الحضري والقروي والشيخ والشاب والجاهل والمتعلم والزوج والأعزب ومن يعرف نساء الحي ومن ليست له معرفة بهن ولا قرابة. فإذا أُخذت الآراء، فهناك ابتداء ولا انتهاء، ومتهمون ولا أبرياء، ومغرضون ولا نزهاء، في عرف جميع الرجال وجميع النساء
وكثرت الرشوة، وعمت الوشاية، واستفاضت الأقاويل، وتبدلت اللجان، فما كان من أهل قرية فلينقل إلى غيرها لدفع المظنة ومنع الشبهة، وهي لا تمتنع ولا تندفع بحال
قال كاتب هذه السطور: فلما علمت بهذه الورطة وعلمت أنني جنيتها وأوقعت من أوقعت فيها علمت كذلك أنني مطالب (بالتخليص) كما قد تبرعت بالتوريط، وأنني فتحت باباً ولا مناص له من إغلاق، وبدأت أمراً ولا بد له من ختام