بأنهم لم يحسُّوا الطبيعة ولم يتشبثوا بالوجود؟
إن العرب في أغلب أحوالهم عاشوا عيشة جافية قضت عليهم بأن يتلمسوا مساقط الغيث، فكيف يقال إنهم لم يحسُّوا الطبيعة إلا بطريق سطحية؟
أكتب هذا وأنا أعرف أن الأستاذ أحمد أمين سيهزّ كتفيه ويقول: (هذه خطابيات يراد بها اكتساب عواطف الجمهور!)
إن قال ذلك فسأحيله على تاريخ يحيى بن طالب
فهل يعرف من هو يحيى بن طالب؟
وكيف يجهله وهو يتصدر لتدريس الأدب العربي بكلية الآداب؟
إن يحيى بن طالب أحس الطبيعة وأحس الوجود إحساساً نادر المثال، وهو وحده كاف للزكاة عن الأدب العربي، وقد اتهمه من لم يعرفوه بأنه خالٍ من وصف مظاهر الطبيعة وأشكال الوجود
فهل ننتظر أن يظفر هذا الشاعر بفصل نفيس من (فصول) أحمد أمين؟
لو كان صديقنا العزيز أحمد أمين قد اطلع على الأدب العربي لتذكر نخلتي حلوان في شعر مطيع بن إياس، وكان لهما في حياة الخلفاء أحاديث يذكرها بالدمع من قرأ معجم البلدان. ولكن أين أحمد أمين من هذه الشؤون وهو مفتون بالحذلقة والأغراب؟
إن أحمد أمين لا يجني على الأدب العربي، وإنما يجني على نفسه حين يزعم أن التشبيهات ليست إلا ألاعيب
ولو كان من أهل الخبرة بدقائق الأشياء لعرف أن التشبيهات من أصدق الشواهد على تعلق العرب بالطبيعة وبالوجود
ولن أشرح له هذا المعنى إلا يوم يعرف أن من واجب المرء أن يطلب العلم من المهد إلى اللحد. وقد تلوح فرصة قريبة فأشرح هذا المعنى لمن يهمهم أن يعرفوا كيف تغيب حقائق الأدب عن هذا (الأديب) وهل نكتم ما نعرف مكايدةً للصديق أحمد أمين؟
لقد استطعنا بحول الله وقوته أن نبدد الشبهات التي أثارها حول الأدب العربي من يجهلونه كل الجهل أو بعض الجهل
فلنأخذ بعد ذلك في رفع التهمة عن الأدب الأندلسي ليعرف من لم يكن يعرف أنه خليق بأن