للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لهم أمثال هذه المعاني؟

أنا أخاطب رجلاً من أساتذة كلية الآداب، ولولا ذلك لشرحت ما في هذه القصيدة من شواهد الإحساس بقدرة الطبيعة على تذوق البؤس والنعيم

وهل اتفق لشاعر في شرق أو في غرب أن يصل إلى قول بعض الأعراب في توديع نجد:

أقول لصاحبي والعيس تهوى ... بنا بين المنيفة فالضمار

تمتع من شميم عَرار نجدٍ ... فما بعد العشية من عرار

ألا يا حبذا نفحات نجد ... وريّا روضه بعد القطار

وأهلك إذ يحل الحي نجداً ... وأنت على زمانك غير زار

شهورٌ ينقضين وما شعرنا ... بأنصاف لهن ولا سِرار

ولكن الأستاذ أحمد أمين قد يتهمنا بالتعصب للأدب العربي ويقول إننا ننظر إليه بعين المحب، فهل يستطيع أن يدلنا على شاعر أوربي توجع لفراق النعيم في وطنه مثل هذا التوجع؟

إن العرب لم يسودوا من باب المصادفات، وإنما سادوا لأن لهم عبقرية ذاتية قضت بأن يسيطروا على العالم زمناً غير قليل.

وقد دالت دولة العرب أكثر من عشرة قرون، ومع ذلك بقيت سلطتهم الأدبية والروحية. فهم سادة لمئات من الملايين وإن لم يبق لهم عرش ولا تاج

وقد تحذلق المتحذلقون فقالوا إن الفقه الإسلامي صورة من الفقه الروماني، فهل هذا صحيح يا بني آدم من أدعياء العلم بأصول الشرائع؟

إن العرب سادوا بحق، وقد تركوا ثروة أدبية وفلسفية وتشريعية لا يغض من قدرها إلا حاقد أو جهول

فمتى نرجع إلى أنفسنا لنبحث عن الميراث النبيل الذي ورثناه عن أسلافنا النبلاء؟

لقد سمعتم وسمعنا كيف بغى الأسبانيون بعضهم على بعض، وكيف فصل في تلك المعارك الدامية بعد نحو ثلاث سنين

فهل تذكرون أن أسلافنا صبروا على المعارك الأسبانية نحو ثمانية قرون؟

وهل كان ذلك إلا لأنهم شعروا بأن الأندلس قطعةٌ من أرواحهم وقلوبهم؟ فكيف تحكمون

<<  <  ج:
ص:  >  >>