للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى آخر الآيات التي تبين أن المعجزة الوحيدة التي تحدى بها رسول الله إنما كانت القرآن وحده. . .

وبعد هذا أقول للذين يرون المعجزات الحسية عقبة في سبيل الإيمان بالنبوة: أليس الناس متنوعين في التفكير وطرق الاقتناع؟ فلا بد إذن أن نُنوع وسائل إقناعهم. فمنهم العقليون الذين يسيرون - على أسلوب الله - ولا يدركون كلماته في الطبيعة! ولو لم يتحدث إليهم بصوت ولا نبرات، وهؤلاء قليلون جداً! ومنهم الأطفال المحدودون الذين لا يصدرون إلا إذا رأوا تمرة أو جمرة. . . درهماً أو سوطاً. . . وهؤلاء هم الأكثرية العاملة الناصبة. . .

لماذا تنسون طرائقكم في التدريس أيها الفلاسفة المعلمون؟ ألا تنوعون أساليب التفسير والشرح تبعاً لعقول تلاميذكم؟ وهذا أيضاً هو منطق الله مع الناس!. . .

وبعد فحديث (الوحي والنبوة) كان يجب أن يكون مفروغاً منه عند المتأملين بعمق في الطبيعة. . . الذين يدركون عمق الحياة وتزاحم تياراتها على القلب الإنساني مما لا بد معه من وجود حبل للنجاة فيها، والطمأنينة على قيمتها وقيمة الإنسان فيها.

إن وراء الحياة ربها الحكيم الذي يحتم العقل الإنساني وجوده ولن يخلي الطبيعة منه إلا إذا جن واختلط. . . وقد وُضع الإنسان في قمة الحياة الأرضية، وصار له اقتراحات وأعمال في تنقيح الطبيعة والتصرف فيها تبين أنه ليس شيئاً تافهاً يعيش على هامش الحياة. فكيف بعد هذا كله يترك هذا الصنف المكرم من غير خطاب من الله من أول الحياة إلى آخرها؟. . .

إن هذا الخطاب يحكم العقل والوجدان بأنه لا بد منه حتى ولو كان للترف والأنس الروحي بين الله والمخلصين له. . . دع عنك الضرورة الاجتماعية الحادة التي تحتمه ليستطيع الإنسان الرسول أن يحمل العبء مطمئناً متشجعاً صبوراً حمولاً. . . لأنه يسمع صوت الله قائلاً له: احمل واصبر لأني معك. . .

كتب الأستاذ العقاد في (الرسالة) عدد ٢٨٥ أو ٢٨٦ مقالاً بعنوان (المذياع الآدمي) هو ذو قيمة كبيرة في تحليل النفس الآدمية، وبيان آفاقها، وعمق سريرتها، وقدرتها على التقاط المعاني، والسيالات من جوف الكون!. . .

كان بودي أن يكون هذا المقال أمامي الآن لأنقل منه فقرة تقرب معنى الوحي ببيان

<<  <  ج:
ص:  >  >>