للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المعجزة. أما ذكره اسمه ناقصاً فله عدة وجوه لا تقدح فيه غير ما أشرت إليه أنت

وأنا قد فهمت من تفسيرك للمعجزة أن في ذهنك صورة عن النبوة غير ما في أذهان الواقفين عند نصوص القرآن في معجزات الرسل السابقين. فالقرآن يثبت أن معجزات الرسل لا دخل فيها للإنسان الرسول، وهو ذاته لا يفهمها ولا يدري سر إجرائها كما يدل على ذلك فرار موسى حين رأى عصاه حية تهتز كأنها جان. . . وأنت تعرف المعجزة في فهم الخاصة بأنها (عمل إنساني محض فيه إدراك بالغ لقوانين الطبيعة ووزائع الاجتماع، فكلما كان فهم الإنسان للطبيعة والبيئة أدق وأعمق كانت معجزته أجل وأثمن (هذا كلامك بالحرف. فأنت ترى من كلامك أنه صريح في جعل المعجزة عملاً إنسانياً، مع أن القرآن ينعت هذا النوع بأنه آيات إلهية لا دخل للإنسان الرسول في إجرائها إلا ما يتعلق بتحديد مواعيدها ومواضعها

ثم إنك جعلت توحيد رسول الله محمد للعرب معجزته الكبرى وقد تم ذلك لغيره في عصور مختلفة أحدها عصر الملك

الحالي عبد العزيز بن سعود. وقد كان مثل هذا التوحيد في غير العرب من الأمم. أفنجعل ذلك كله معجزات بالمعنى الديني؟

من أجل هذا فهمت أنك تريد أن تسلك محمداً في سلك الأبطال المصلحين الذين لا يعتمدون على مدد من السماء وأنك تريد أن تجعل كل ما فاض عنه من الأفكار والأخلاق في الإصلاح، والإرشاد والتشريع، إنما كان كله فيضاً نفسانياً بشرياً صادراً عن ذاته هو. وهذه مقالة شاعت في هذا الزمان وهي رفض للنبوة بمعناها عند المؤمنين.

ولكني بعد ما قرأت مقالك الذي تعلق به على مقالي ووجدتك تقول: إنني رجل أؤمن بالنبوة على ما وردت في القرآن الكريم لا أحيد عن رأيي في ذلك: (قل إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد) إلى آخر الآية. أراني مضطراً إلى تصحيح رأيي في آرائك تلك في النبوة فقط. أما رأيك في المعجزة فهو بعيد عن قول القرآن فيها؛ وفيما أوردته حولها سابقاً في هذا المقال خلاصة رأيي فيها. ولك التحية

(القاهرة)

عبد المنعم خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>