قال الغزالي أبو المعرفة ومحصل علوم زمانه في كتابه (المنقذ من الضلال): (ومن أول الطريقة تبتدئ المكاشفات والمشاهدات حتى إنهم (الصوفية) في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق ولا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح لا يمكنه الاحتراز عنه. وعلى الجملة ينتهي الأمر إلى قرب يكاد يتخيل منه طائفة الحلول وطائفة الاتحاد وطائفة الوصول. وكل ذلك خطأ. . .) إلى أن يقول (وبالجملة فمن لم يرزق منه شيئاً بالذوق فليس يدرك من حقيقة النبوة إلا الاسم. وكرامات الأنبياء على التحقيق بدايات الأنبياء وكان ذلك أول حال رسول الله عليه السلام حين أقبل إلى جبل حراء حين كان يخلو فيه بربه ويتعبد حتى قالت العرب: إن محمداً عشق ربه.
وهذه حالة يتحققها بالذوق من يسلك سبيلها). ثم بين الغزالي أطوار نمو العقل البشري من إدراك المحسوسات إلى إدراك المعقولات وبين أن وراء هذه المنطقة (عيناً أخرى يبصر بها الغيب وما سيكون في المستقبل وأموراً أخرى العقل معزول عنها)
فعلى منكري هذا من الباحثين الشاكين أن يتبعوا الأسلوب العلمي في الإنكار والإثبات فيسلكوا سبيل أبي حامد الغزالي وأشياعه ليروا أهم على حق أم على باطل. فلقد كان أبو حامد شاكا ودرس وسلك حتى أتاه اليقين
إلى الدكتور الفاضل عمر فروخ ببيروت
إن الكاتب الفاضل الذي استعداني على مقالك (المعجزة) المنشور بمجلة الأمالي (عدد ٣٧ ص ١) أرسل إلي العدد الذي فيه المقال، وقد قرأته بإمعان وفهمت منه ما أشرت إليه في مقدمة مقالي الأول عن النبوة والوحي والمعجزة فأنا أصرف إلى نفسي تعريضك به في مقالك الذي علقت به على مقالي، وإلا كنت أنا ظالماً له ومسيئاً إليه، وأرجو أن ترتاح للذين يتحمسون في الدفاع عن عقيدتهم التي هي أثمن شيء لديهم ما دام الدفاع خالياً من السباب والمهاترة فإن هذا هو شأن الباحث الذي يقدر عقائد القلوب.
فالكاتب الذي كتب إليّ من بيروت إنما صدر عن إخلاص حين أرادني أن أجادل رأيك في