للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يصدقوا هؤلاء العلماء لأنهم مثلهم، وأن يثبتوا معهم أمام الكلب ينكرون عليه فرحه وحزنه إلى أن يقول لهم بلغة من اللغات الأوربية: إني فرح وإني حزين. ومن الناس من يحسون ويشعرون ويبادلون الحياة الشهقات والزفرات وأولئك آمنوا من هدى أنفسهم أن في الحيوان روحاً وحياة، وهم يسارعون إلى جاجاديز بوز يصدقونه حين يقول: إن النبات يتألم وينفعل بوجدان، ويئن وينطلق بتعبير. ويخرجون من هذا بأن الحيوان أولى من النبات به.

ورضي الله عن جاجاديز بوز الذي استطاع أن يثبت رأيه إثباتاً علمياً استخدم فيه آلات المعامل وأحماضها وأملاحها فلم يعد هناك مجال لإنكار ما أثبت، بل لقد عد صنيعه هذا من كرامات البشرية الحديثة فمنحه الغرب جائزة نوبل التي يتعزز بها على الشرقيين

أثبت الشرق إذن أن النبات يتألم وأنه يئن من الألم، وقد يكون الألم علامة الروح الوحيدة في النبات وقد يكون معه غيرها ولكنه على أي حال يكفي للتدليل على الروح، فهو يستطيع أن يشملها وهو الذي ينزع بها إلى الخلاص! وهو - أخيراً - حسبنا من علامات الروح في النبات

فإذا ارتفعنا من النبات إلى الحيوان في سلسلة التطور والارتقاء الحيويين رأينا الحيوان يمتاز على النبات في الظاهر بالحركة. ورأينا الحيوان في حركته واحداً من أثنين: إما خسيسا يتحرك في حياته حركات متشابهة متكررة لا تعديل فيها ولا تجديد ولا محاولة تدل على قدرة التلاؤم مع الحياة. وإما رفيعا يتحرك في حياته حركات مختلفة يطرأ عليها التعديل كلما تغيرت الأحوال، ويطرأ عليها التجديد كلما استدعت الظروف التجديد، وتتحور ويتزايد وضوح المحاولة التي تدل بها على قدرة التلاؤم مع الحياة

أما خسيس الحيوان فقد يسهل تصوره محروماً من العقل إذا اعتبرنا أن العقل هو القوة التي تمكن الكائن الحي من الملاءمة بين نفسه وبين ظروف الحياة الطارئة المتجددة. ولكن هذا إذا سهل علينا تصوره، فإنه يتعذر علينا (بعد الذي أثبته جاجاديز بوز) أن نتصوره خالياً من القوة الروحية التي يثور بها في نفسه وجدان الألم على الأقل. فإذا كنا ممن يؤمنون بالتطور والارتقاء الروحيين إلى جانب التطور والارتقاء البدنيين، فإننا من غير شك نتوقع أن يكون في أدنى الحيوان من علامات الروح شيء إلى جانب الألم، لأنه قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>