طبيعة الحياة أن تتشابه في العموميات، وأن تختلف في التفصيلات ليثبت لذوي الأبصار أن هذه الخلائق لا تصنع في مصنع فيه آلات وفيه قوالب وإنما تخرجها إرادة فنان يأبى أن يتكرر حين يتوحد سبحانه من فنان!
فإذا راق لنا أن نؤمن بهذا وأن نعتبر الفن علامة الإنسانية التي تسمو بها على الحيوانية والتي لا يمكن الإنسان أن يكون إنساناً إلا إذا اتصف بها. . . إذا آمنا بهذا لزم أن يكون أقرب الناس من الفن أنضجهم إنسانية. ولزم أيضاً أن نتوقع لهذه العلامة الإنسانية أن يتزايد وضوحها وتمكنها حتى تشمل البشر جميعاً، وعندئذ تبتدئ بشائر الميزة الجديدة التي يريد الله أن يطبع بها الحلقة المقبلة من حلقات التطور في الخلائق. . ومن يدري أي شيء سيكون هذا الطابع، وأي ميزة ستكون هذه الميزة؟! لعلها ميزة العقل الذي يطالبنا به الله لا عقل العلم الحديث
فإذا كان الأمر كذلك كان ما يسعد الفن هو ما يسعد البشرية، وكانت كل محاولة يراد بها التقليل من شأن الفن محاولة مجرمة تعرقل التطوّر البشري
فهل تنهج الإنسانية في حياتها الحالية نهجاً فنياً يسعدها ويرقى بها؟ أو هي قد انحرفت عن طريق الفن إلى طريق آخر لا يمكن أن يقيد بها مهما كان صالحاً ومهما كان فيه خير لنواح بشرية غير ناحية الحس الروحي؟
إن الإنسانية قد انحرفت إلى هذه الطريق منذ أمنت بالحضارة والعلم اللذين يحتضنان المادة
وإنه من الخير لها أن تفيق وأن تعود إلى حياة الحس الروحي فينتعش فيها الفن وتنتعش فيها الروح وترقى، وهذه سنة الله لو أردنا أن نتبع سنته