ذلك فإن الفراغ الذي يوجد حولها يزيد بكثير من الفراغ الذي
يوجد حول إنسان في مسكنه، فإن المسافة بين جزيئين
متجاورين (في الحرارة والضغط العادي) تساوي مائة مرة
قدر قطر الجزيء، وبهذا يجوب الجزيء عالمه بسرعة عجيبة
تبلغ في الهيدروجين حوالي ١ , ٧ كيلو متر في الثانية
الواحدة أي أنها تقطع المسافة بين مصر والإسكندرية في
دقيقتين في الوقت الذي يقطعها فيه أسرع قطاراتنا الحديدية في
ساعتين
هذه الأرقام صحيحة. وليس المجال هنا لنذكر الطرق العديدة والمختلفة التي اتبعها العلماء توصلاً إلى النتائج ذاتها بطرق مختلفة
هذا موجز ما نعرفه عن الذرة التي تفترق عن الجزيء في أنه بينما نستطيع بالطرق الكيميائية أن نجزئ الأخير إلى ذرات، فإننا لا نستطيع بهذه الطرق أن نجزئ الذرة إلى جسيمات أصغر منها، ولم يتصور العلماء حتى عهد قريب أيا من العمليات العديدة التي لا تمت للكيمياء في شيء، والتي يمكن بها اليوم القيام بهذه العملية الأخيرة من تجزيء الذرة.
من هنا حدد العلماء تعريف العنصر الكيميائي أنه مادة أولية لا يمكن بالطرق الكيميائية تقسيمها إلى عناصر أخرى، ومن ثم اتضح أن معظم المواد التي تصادفنا في الطبيعة هي مركبات كيميائية تتطلب عملية خاصة لتحليلها إلى عناصرها الأولى. فالماء وهو أكثر المواد شيوعاً على الأرض مركب من الأوكسيجين والهيدروجين، والهواء من الأوكسجين والأزوت، وهكذا اضمحلت فكرة القدماء الذين اكتفوا بتقسيم الكون إلى ماء ونار وأرض وهواء، وانتهى عصر الكيمياء القديمة وبدأ عهد جديد يرجعون فيه المواد مهما تعددت إلى