من المواد، وهذه العناصر وجدها الباحثون فيما بعد. ورأينا في تاريخ العلم المجيد (ماندلييف) يعلن مثلاً عن عنصر يمت بعلاقة للسيليسيوم حيث يحدد هذا الباحث بدقة خواصه الكيميائية ووزنه الذري، وثقة منه في وجوده، يسميه أكاسيليسيوم ويكتشفه العلماء بعد ذلك بثلاث عشرة سنة ويسمونه جرمانيوم
عندما كشف (بكارل) أثر الأيرانيوم على اللوح الفوتوغرافي وأعلن للعالم أنه مادة مشعة لم يكن الكشف عن الراديوم بعد ذلك أمراً محتوماً فقد كان عمل مدام كيري الذي كشفته عملاً تجريبياً مضنياً يذكرنا بعمل وليم التجريبي عندما كشف في سنة ١٧٨١ الكوكب إيرانوس وهو الكوكب السادس في البعد عن الشمس في مجموعتنا الشمسية، ولكن عندما كشف (ماندلييف) عنصراً جديداً كالجرمانيوم كان ذلك عملاً حسابياً يحتمه انسجام ضروري تراءى لهذا الباحث في قوانين الكون
تذكرنا هذه الحوادث العلمية بعمل الفرنسي وعضو المجمع العلمي عندما استأنف في سنة ١٨٤٦ دراسة الحركة غير المنتظمة وغير المفهومة للكوكب إيرانوس المتقدم الذكر فحتم وجود الكوكب نبتون الذي يعادل حجمه ٧٨ مرة قدر حجم الأرض، بل وتذكرنا هذه الحوادث بعمل (كلايد تومباوج في سنة ١٩٣٠ عندما حتم وجود كوكب تاسع يدور في مجموعتنا الشمسية أسماه العلماء بعده بليتون. اذكر أن العالم الفلكي الذي حتم وجوده مات قبل أن يراه العلماء ببضعة شهور
وهكذا كان (ماندلييف) يبحث في المادة عن شموس إذا غابت عنا شمس حتم وجودها وكان (ليفرييه) يبحث في الكون عن كواكب إذا لم نر كوكباً حتم وجوده، واستند كلاهما على انسجام القوانين الطبيعية، بحيث كنا أمام احتمالين: إما أن يكون مصدر الحساب عند (ماندلييف) و (ليفرييه) مشكوكاً فيه، أو يكون الحساب عندهما صحيحاً؛ ولقد دلت الأيام أن حسابهما صحيح وأن العناصر كانت موجودة منذ وجود الأرض وقبل ذلك وأن الكواكب الجديدة على معارفنا كانت تدور في أفلاكها حول الشمس منذ دارت الدار التي نسكنها. . .
وهكذا مع دالتون وبروست وفينزل وريتشر وجاي ليساك، وافوجادرو وماندليف ولوتر ماير، كشف الإنسان عالماً هو الذرة فكشف بذلك من بادئ الأمر عن شموس طغى أثرها على كل ما عداها