لتعرف أني أسألك عمن تعني - والدك أم والدي؟) فقلت:(كلا. لا حاجة لي بأبيك. . . ولا بأبي أيضاً في الحقيقة، ولكني أريد أن أراجع صورته أو على الأصح أن تراجعيها أنت) فجاءت بالصورة وهي غير فاهمة، فقلت:(تأمليها وتأمليني. إنهما منظران ليس فيهما سرور لأحد، ولكن تجلدي. . . فهل ترينني مثله؟. . هل لو لبست مثل هذه السترة الاستامبولية، وهذا الطربوش الطري، وتركت شاربي ينبتان، ويطولان، ويتهدلان، ودخلت عليك في ضؤ خافت، تظنينني أبي، نفض عنه كفنه وخرج من قبره، أو تحسبينني على الأقل عفريته؟).
فقالت:(لا أدري لماذا هذه المقارنة ولكني أقول إن فيك منه مشابهة. . . كثيرة. . . ولكنك مختلف. . حتى النظرة مختلفة. . . نظرته نظرة رجل حليم كريم وديع أما أنت. . .) فصحت بها: (احترسي!. . ليست هذه فرصة لبسط لسانك الطويل فيّ. . .) فقالت: (لا. . . ولكن الحقيقة أن نظرتك مختلفة. . . فيها شئ آخر. . . الشبه موجود ولاشك، والذي يراكما يعرف، وان كان لا يعرفكما، انه لابد أن يكون أخاً أكبر، أو أباً أو جداً، على التحقيق. . . ولكن هناك اختلافاً لا أدري كيف أصفه) قلت: (لا تتعبي نفسك. . . يكفي أني مختلف. . . ولو كان حيا لاستطعت أن أتبين في أي شئ من الحقائق المطوية تختلف، ولكنه تَسرَّع. . . على كل حال أحمد الله. . . لقد كنت أخاف. . . كيف أقول؟ أخاف أن أظل أرتد وأرتد، حتى أصير مثله تماماً بلا فرق) فسألتني: (ولماذا تخاف هذا؟) قلت: (لو حدث هذا لأصبحت صورة مكررة. . . نسخة معادة. . . طبعة ثانية لا تختلف عن الأولى إلا في زمن الصدور. . . أي زيادة لا داعي لها ولا مزية. . . ولكان وجودي تكلفاً لا مسوغ له، وإسرافاً غير جائز، وعناء باطلاً لا جدوى منه. . . وسبحان ربي عن ذلك. . . وكنت أخاف شيئاً آخر. . . أن يضطرني ما يحوجني إلى العجلة إلى ترك أسلوبي الكتابي يفسد وينحط بأن يفقد صلته بالحياة وبأن يصبح عبارة عن قوالب قديمة مرصوصة فأكون كالمقاول الجاهل الذي لا يعرف غير طراز واحد من هندسة البناء. . . أتعرفين أن عندنا في مصر (مقاولين) أخصائيين في بناء المقابر؟ لو تركت أسلوبي يفسد بالإهمال والكسل لأصبحت كهذا الذي لا يبني إلا القبور وما إليها. . . ولكني تنبهت والحمد لله فسأكون من هذا بعد اليوم على حذر. . . ولو اتسع وقتي لراجعت ما كتبت أو كتبته من جديد، ولكن ما