للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- في دور سيطرة اللاتينية على الحياة الفكرية والدينية سيطرة تامة، ولذلك اعتمدت على اللاتينية كلغة تعليم في جميع فروعها.

في الواقع كانت الجامعات المذكورة أدخلت في مناهجها مدة من الزمن تعليم اللغات العربية والعبرية واليونانية أيضاً. . . العربية لكونها مصدر العلوم في تلك القرون، والعبرية لكونها لغة الكتاب المقدس القديم، واليونانية لكونها لغة الأناجيل الأصلية. . . غير أن العربية والعبرية خرجتا بعد مدة من ميدان مشاركة اللاتينية في التعليم؛ وظلت اليونانية اللغة الوحيدة التي تساعد اللاتينية في مهمتها العلمية والتعليمية؛ وقد رسخت قدماها في هذا الميدان - بمرور الزمن، ولا سيما بعد أن بدأ الاهتمام بخزائنها العلمية والأدبية.

إن معاهد التعليم الثانوي التي تأسست لتهيئة الطلاب للجامعات تأثرت بهذه الحالة العامة، فاعتبرت اللاتينية أساس كل شئ، ولم تشرك بها لغة غير اليونانية في بادئ الأمر.

إن تاريخ التعليم في فرنسا يقدم تفاصيل وافية عن أحوال تلك المدارس ومناهجها الدراسية وتعليماتها الإدارية. ونفهم من تلك التفاصيل أن المدارس الثانوية في القرن السادس عشر كانت بمثابة مدارس لاتينية بكل معنى الكلمة: لا يدرس في سنتيها الأوليين شئ غير اللاتينية؛ ثم يضاف إليها في السنة الثالثة مبادئ اللغة اليونانية، وفي السنة الأخيرة بعض المسائل الرياضية. وأما اللغة الفرنسية أو العلوم الأخرى، فلم تشغل أي حيز كان في مناهج الدراسة، حتى إن التكلم باللغة المذكورة كان يعتبر من الأمور الممنوعة على المعلمين والطلاب في خلال الدرس أو بعد الدرس، في داخل الصف أو في خارج الصف. . . وهذا المنع كان مؤيداً بعقوبات عديدة وشديدة. . .

(يتبع)

أبو خلدون

<<  <  ج:
ص:  >  >>