وعبد الرحمن شكري، وكانوا قد كوّنوا جبهة أدبية لنشر لواء الأدب الحديث، فهل يصح لناقد أن يتوهم أن هؤلاء الشعراء الثلاثة تشابهوا في الأغراض وفي تأدية المعاني؟
وكان حافظ وشوقي وصبري ومطران وعبد المطلب متعاصرين فهل تشابهوا في الخصائص الشعرية؟
وما يقال في الشعر يقال في النثر، فما يجوز لناقد أن يتوهم أن الصاحب وابن العميد والتوحيدي يكتبون بأسلوب واحد مع أنهم متعاصرون.
وما يجوز أن يقال إن المويلحي الصغير يشابه المويلحي الكبير في ألفاظه ومعانيه مع أن الأول ابنٌ للثاني وعنه اخذ، وبأدبه تثقف، وأفاد من صحبته ورعايته ما أفاد.
وكان علي يوسف ومحمد عبده وفتحي زغلول ومصطفى كامل متعاصرين، فهل يمكن القول بأنهم متشابهون في الخصائص النثرية؟
وكان محمد الخضري ومحمد المهدي قد تخرجا في معهد واحد وصارا في التدريس زميلين في مدرسة القضاء الشرعي وفي الجامعة المصرية، أفيجوز أن يقال إنهما في التدريس وفي الإنشاء متماثلان؟
وفي عصرنا كاتبان يحتفلان بالأسلوب اشد الاحتفال وهما: البشرى والزيات، فهل هما متشابهان؟ وقد تأثر عباس حافظ بالسباعي فهل هو صورة من السباعي؟ هيهات، فلكل منهما أسلوب خاص.
والأمر كذلك في سائر الفنون: فقد كان محمد عبد الوهاب من تلاميذ سيد درويش، وهما مع ذلك متباعدان اشد التباعد في الاتجاهات الموسيقية والغنائية.
فكيف جاز للأستاذ أحمد أمين أن يحكم بأن شعراء العرب على اختلاف عصورهم وأقطارهم قد تشابهوا بحيث لا يمكن تمييز بعضهم من بعض إلا بعد الاطلاع على كتب التراجم؟
إن هذا لا يقع إلا من ناقد يتوهم أن الأدب يكال بمكيال ولو كان أستاذا في كلية الآداب.
لو كان أحمد أمين قد عكف على دراسة الأدب منذ فجر حياته العلمية لعرف أن الناقد البصير يدرك جيداً أن الشاعر الواحد له في حياته الشعرية أساليب مختلفات.
ألم تسمعوا أن ديوان ابن الفارض يشتمل على فنون من التعابير ومن الأغراض بحيث