أذهان الطلبة اقتلاعاً ليس أساسه القهر وإنما أساسه الفهم. وكنا نحصي الأغلاط الشائعة بين الطلبة المصريين في اللغة الإنجليزية ونطبعها لهم ونعمل على استئصالها. فالعامل الأول هو التوجه بالتدريس إلى الضعفاء والسير معهم والعامل الثاني إحصاء الأغلاط الشائعة وأوجه الصعوبة وتلافيها.
أما العامل الثالث فهو أن الطلبة يؤجلون الاستذكار إلي آخر السنة وقد لا يكون التأجيل ناشئاً عن الكسل والبلادة بل قد يكون عن حسن نية لأن سبب هذا التأجيل فكرة سيكولوجية مخطئة فهم يحسبون أنهم إذا استذكروا شيئا في أول السنة ثم نسوه لم يستفيدوا من ذلك الاستذكار بسبب النسيان، وقليل من علم النفس يبرهن على خطأ هذه الفكرة إذ أنه يثبت أن صورة الأمر المنسي راسبة في أعماق الذهن والوعي الباطن وأنه لا يسهل استخراج المعقولات من أعماق الذهن عندما يشاء صاحبه تذكرها في أي وقت إلا إذا انطبعت الصورة في الذهن مرة بعد أخرى وفي كل مرة يعقب الاستذكار النسيان حتى يأتي على صاحب الذهن وقت لا ينسى بعد الحفظ، ولو فهم الطلبة هذه الحقيقة النفسية لاستطاعوا أن يفهموا السبب في أن الواحد منهم قد يجيد مذاكرة الدروس في الشهر الأخير من السنة فقط حتى إذا سألته فيها أجاب إجابة حيدة فإذا دخل الامتحان نسيها ولم يستطع الإجابة فإذا رسب أقسم أنه استذكرها جيداً وأنه سيئ الحظ. نعم إنه استذكرها جيداً قبيل الامتحان ولكن ينبغي أن يفهم أن محاولته تجنب النسيان في أثناء السنة بتجنب المذاكرة طول السنة هو الذي يوقعه في النسيان أثناء الامتحان مهما جاد المذاكرة آخر السنة، وأن نسيانه أثناء الامتحان بعض المعقولات أو كلها أكبر دليل على انطباع المعقولات في الذهن انطباعاً لا تُنْسى معه عند الحاجة يستلزم طبع صورتها في الذهن مرة بعد أخرى في أوقات مختلفة. ومن الصعب أن يدرك الطلبة هذه الحقيقة كل الإدراك أو إذا أدركوها صعب عليهم التخلص من عادة تأجيل المذاكرة للشهر الأخير اعتمادا على احتمال النجاح بالرغم من هذا القانون السيكولوجي. وهذا مع أن إرهاق أنفسهم بالمذاكرة ليلاً ونهاراً في الشهر الأخير يتلف صحتهم وإذا تلفت الصحة تأثر العقل ولو تأثرا مؤقتا وصار أقل استعداد للإجابة أثناء الامتحان. وحسن نتيجة المدرسة في الامتحان يتوقف على الوسائل التي تتخذها لمنع تأجيل الاستيعاب إلى الشهر الأخير.