للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكني أقارن بين قصيدتين من شعرهما فأقول أيهما أشعر في تلك القصيدة ثم احكم أنت). ولكنه لم يفعل ذلك واجتزأ بإيراد أبيات لكل من الطائيين وجعل يلغو لغوه.

وإذا قال أبو تمام:

إن لله في العباد منايا ... سلطتها على القلوب العيون

وقال البحتري:

قال بطلاً وأفال الرأي من ... لم يقل إن المنايا في الحدق

فهنا يتوارى الوازن والموازنة ويرفع الميزان. وبيت الوليد شرح طويل، مَطمَطة. . .

وقد كان ابن الأثير انصف من الآمدي حين قضى بين حبيب والمتنبي في رثاء ولدين صغيرين لعبد الله بن ظاهر، وطفل لسيف الدولة؛ وبين البحتري وأبي الطيب في وصف الأسد. وقد شأى الكندي الطائيين في الرثاء والوصف.

وأني لموقن أن الآمدي فارق الدنيا ولم يعرف أبا تمام وعبقريته. وممن علم ذلك وأعلن فضل ابن أوس - أبو بكر بن يحيى الصولي صاحب كتاب (أخبار أبي تمام) الذي أفضل على العربية بنشره الفضلاء: خليل محمود عساكر، محمد عبدة عزام، نظير الإسلام الهندي - بارك الله في الهند - وقد أعطى الكتاب بعض حقه في مقالة في الجزء (٢٢٥) من (الرسالة). وكانت مجلة (المقتطف) ذكرت كتاب الصولي، وحافت على حبيب فرُدّ عليها وليمت في مقالة في الجزء (٢٣٥) من (الرسالة) وأغلب الظن أن الكتاب في المقتطف ما قرأ كتاب الصولي فيعرف ذلك الشاعر العظيم، فقال على المخيل أو على ما خيلت كما يقولون.

ألا إن الشعر لأكثر مما يرى ذاك الخارجي وهذا الآمدي وأعظم؛ واٍن فضيلة الفرزدق فيما يبينه أديبنا الكبير الأستاذ المردمي في كتابه:

(لا تجد شعراً أكثر تأثراً بالإسلام، والعصبية العربية، ولا أصح لغة، ولا أجزل أسلوباً، ولا أجمع لشوارد العربية وفصَحها، وأخبار العرب وأيامهم - من شعر الفرزدق).

(والفرزدق على جفاء طبعه له مخيلة تفيض بالحياة، وتحسن الابتكار والابتداع ووضع الأقاصيص بأسلوب حسن).

(والفرزدق على أميته واسع الرواية كثير المحفوظ، ولم يقف عند حفظ أشعار العرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>